يعاني ذوو الاحتياجات الخاصة من عجز جسدي أو نفسي أو معرفي يؤثر بشكل هام على طريقة ممارسة حياتهم بشكل طبيعي. قد يكون هذا العجز خلقيًا أي منذ الولادة أو مكتسبًا ظهر نتيجة حادث أو مرض أو أثر جانبي لحالة طبية معينة. إن التغلب على حالات العجز هذه ومواجهة التحديات وتنمية الثقة أمر ضروري عليهم السعي لأجله، وعليهم الإيمان بأنه مهما كثرت الصعوبات هناك دائمًا طريق لتحقيق ما نريد، وفي هذا السياق على المجتمع والعائلة توفير أكبر درجات الدعم لذوي الاحتياجات الخاصة ومساعدتهم على مواجهة كل التحديات التي تعترض طريقهم.
أنواع ودرجات العجز
بحسب تعريف منظمة الصحة العالمية فالعجز مشكلة في بنية أو وظيفة الجسم تُقيد نشاطات الشخص أو تجعل من الصعب عليه أداء مهمات معينة مع عدم قدرته على المشاركة بأي نشاط يريده. تنتشر هذه المشكلة كثيرًا في العالم، وبحسب آخر الإحصائيات يعاني نحو مليار شخص حول العالم من عجزٍ معين.
للعجز أنواع مختلفة حسب مكان الإصابة وشدة العجز، ومن أهمها:
- العجز البصري: ضعف بصري يمكن تصحيحه بالنظارات العادية أو العدسات اللاصقة أو الأدوية أو الجراحة، وقد يصل لعدم القدرة على الرؤية (العمى) والذي يصعّب على الإنسان أداء أنشطة الحياة اليومية. تقدر نسبة المصابين بالعجز البصري بحوالي 3.2% من سكان العالم.
- العجز السمعي: ينقسم إلى نوعين: ضعف السمع الذي يمكن معالجته باستخدام معينات سمعية كالسماعات أو زراعة حلزون، والصمم وفيه تتأثر قدرة الشخص على السمع بشكل كبير أو لا يسمع أبدًا، وتُقدَّر نسبة الأشخاص الذين يعانون من عجز سمعي بنحو 6% من سكان العالم.
- العجز الذهني: يتمثل بضعف القدرة على المحاكمة العقلية ومشاكل في الذاكرة، مع قدرة منخفضة بشكل كبير على فهم معلومات جديدة ومسائل معقدة أو تعلم وتطبيق مهارات جديدة، ويعاني منه نحو 2.5% من سكان العالم.
- العجز الجسدي الحركي: يشمل الأشخاص الذين يعانون من عجز أو ضعف في الحركة، وبالتالي يكون لديهم تحدد في حركة الطرف العلوي أو السفلي من الجسم أو كليهما معًا، يعاني 1% من سكان العالم من شكل من أشكال العجز الجسدي والحركي ويستخدمون الكراسي المتحركة في حياتهم اليومية.
- العجز المتعدد: يشمل الإصابة بأكثر من نوع من أنواع العجز، كأن يكون المريض كفيفًا وأصمَّ في نفس الوقت، وهذا يفسر عدم تساوي العدد الإجمالي لذوي الاحتياجات الخاصة في العالم مع مجموع الأشخاص لكل نوع من أنواع العجز.
- العجز غير المرئي: أحد أشكال العجز غير الظاهرة أو التي لا يتم تشخيصها بشكل كامل إلا أنها تؤثر على نمط حياة المريض كالفصام مثلًا، فبعيدًا عن الشكل المعتاد للعجز الذي يُصوَّر لنا بإنسانٍ جالسٍ على كرسي متحرك، يوجد طيفٌ واسع من الاضطرابات الحسية والإدراكية والنفسية أو الحالات المرضية المزمنة التي يمكن تصنيفها كنوعٍ من أنواع العجز.
نصائح وتوصيات هامة لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة
من أهم الطرق والوسائل لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة ودعمهم:
- تقديم الرعاية الصحية المناسبة لهم، وتأمين الأجهزة والأدوات اللازمة لتسهيل حياتهم اليومية قدر الإمكان.
- توفير معدات تساعد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة على الانخراط بشكل كامل في أنشطة الحياة، ويمكن أن تساعدهم في تعزيز الاستقلال الوظيفي وتسهيل مهام الحياة اليومية من خلال استخدام الوسائل المساعدة التي تساعد الشخص على السفر والتواصل مع الآخرين والتعلم والعمل والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والترفيهية مثل جهاز كمبيوتر خاص، أو الكراسي المتحركة والمشايات، أو الدراجات والسيارات الخاصة.
- نشر التوعية في المجتمع والسعي لتعريف الناس على هؤلاء الأشخاص ونمط حياتهم الخاص، وضرورة الاعتناء بهم واحترامهم والالتزام بشروط خاصة عند التعامل معهم، وتجنب إظهار ردة فعل سيئة عند النظر إليهم أو التعامل معهم كي لا نشعرهم بالإحراج أو نقص تقدير الذات.
- السؤال دائمًا قبل تقديم المساعدة، فحتى لو كان المريض يعاني من عجز معين فهذا لا يعني بالضرورة أنه يحتاج إلى مساعدتك أو يريدها.
- تشجيعهم على الانخراط في المجتمع والحياة وتعزيز الثقة لديهم ومحاولة الاعتناء بهم لاكتشاف مكامن القوة لديهم، وتحفيزهم على إظهار مواهبهم والتعامل معهم كما نتعامل مع الآخرين.
- مساعدتهم لتطوير علاقات مع أقرانهم وبناء المهارات الاجتماعية واحترام الآخر وقبوله.
- إنشاء خطط لتوظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، وحث الشركات على بذل مجهود كبير لتوظيفهم في الوظائف المناسبة ومناصب مجالس الإدارة.
- تحديث البنية التحتية والمرافق لجعلها أكثر مناسبةً واستيعابًا لذوي الاحتياجات الخاصة من خلال إضافة السلالم وتوسيع المداخل وضمان الوصول إلى الحمامات.
- القيام ببعض الأنشطة الترفيهية التي تساعدهم في الترفيه عن أنفسهم والاستمتاع وتعلم رياضات جديدة مثل الألعاب والرياضات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة.
دائمًا ما نشاهد أو نسمع في حياتنا اليومية عن أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة رفضوا الاستسلام للإعاقة وتخطوا العجز وتحدوا الصعوبات ليصلوا إلى أهدافهم ويحققوا إنجازاتٍ يعجز عنها حتى الأشخاص الذين يتمتعون بأكبر القدرات، ومن هؤلاء المبدعين رغم إعاقتهم:
أصيل هوساوي
يعاني الشاب السعودي أصيل هوساوي من عجز جسدي منذ الصغر، إلا أن ذلك لم يقف في طريقه، فقد أحب الهوساوي الرياضة وتميز فيها، وبالرغم من وضعه الصحي استطاع أن يحقق إنجازات كبيرة في هذا المجال، بفوزه بالميدالية الذهبية في بطولة العالم المفتوحة لرافعات القوة لذوي الاحتياجات الخاصة التي أقيمت في ماليزيا، عندما نجح الربَّاع الصاعد الذي يشارك للمرة الأولى في بطولة عالمية برفع أثقال بوزن 116 كيلو جرام، بالإضافة للعديد من الإنجازات في مجالات رياضية أخرى.
عمار بوقس
شاب سعودي مصاب بشلل دماغي وارتخاء عصبي، لكنه بالرغم من ذلك تمكن من إكمال تعليمه وتخرج من المعهد العلمي التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود، ثم حصل بعدها على شهادة البكالوريوس من كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم الإعلام والعلاقات العامة من جامعة الملك عبد العزيز بجدة مع مرتبة الشرف، وعمل صحفيًّا في جريدة عكاظ السعودية وغيرها من المجلات والصحف المحلية والعالمية، والجدير بالذكر أنه حفظ القرآن الكريم في سنتين فقط بعمر 13 سنة، اختير من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود لإلقاء كلمة نيابة عن ذوي الاحتياجات الخاصة في المؤتمر الدولي الثالث للإعاقة في الرياض، وقد سُمي في الإعلام السعودي (قاهر المستحيل) لقهره ظروف إعاقته وتغلبه عليها، وكان عضوًا في لجنة الإعلام والدراسات والبحوث بالاتحاد السعودي لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي النهاية، لا بد من التأكيد على الاهتمام بحقوق الإنسان عند الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد أكدت المنظمات والهيئات المعنية ضرورة الالتزام الفوري بضمان الحقوق الفردية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، والسماح لهم بعيش الحياة التي يستحقونها، فنحن جميعًا مختلفون ولكننا في نفس الوقت متشابهون إلى حد كبير.