أصبحت علاقة الحالة النفسية بالصحة الجسدية أمرًا مثبتًا علميًا، حيثُ ظهرت أهمية الصحة النفسية من خلال إمكانية تأثيرها على صحة الجسم سواءً ايجابيًا أو سلبيًا. كثيرًا ما نلاحظ تدهور الصحة الجسدية عند الإصابة بأحد الأمراض النفسية أو بعد التعرّض لصدمةٍ نفسيةٍ، ويعود ذلك إلى الترابط الشديد بين الدماغ الذي يُشكل مركز الأحاسيس وجميع أجزاء الجسم التي تتأثر بالحالة التي يمر بها الدماغ. والعكس صحيح حيثُ أنّ الحالة النفسية أيضًا يُمكن أن تتأثر بالصحة الجسدية وتحديدًا عند الإصابة بالأمراض الخطيرة.
ما هي أهمية الصحة النفسية وما تأثيراتها على الصحة الجسدية؟
إنّ أهمية الصحة النفسية لا تقل أبدًا عن أهمية الصحة الجسدية، كونها تلعب دورًا أساسيًا في الحياة اليومية للتمتع بالاستقرار والسعادة.تؤثر الحالة النفسية للشخص في الصحة العامة للجسم، حيثُ يمكن أن تؤدي الاضطرابات النفسية إلى زيادة مخاطر الإصابة بعددٍ من الأمراض. كما أثبتت الدراسات أنّ التمتع بصحةٍ نفسيةٍ جيدةٍ يساعد في الوقاية من الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية. فيما يلي نذكر أهم الجوانب التي يظهر فيها تأثير الصحة النفسية على الصحة الجسدية:
الأمراض المزمنة
إنّ وجود اضطراباتٍ نفسيةٍ يُمكن أن يؤدي إلى بعض الصعوبات في التعامل مع الأمراض المزمنة، كما لوحظ أن معدل الوفيات نتيجة الإصابة بالسرطان أو أمراض القلب تزداد بشكلٍ ملحوظٍ لدى الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أو المشاكل النفسية الأخرى. هناك علاقةٌ بين الاكتئاب وزيادة احتمال الإصابة بعددٍ من الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية وداء السكري والتهاب المفاصل والسرطان والربو. كما أنّ انفصام الشخصية يلعب دورًا في زيادة احتمال الإصابة بأمراض القلب والجهاز التنفسي.
اضطرابات النوم
تُعد اضطرابات النوم من المشاكل الشائعة جدًا لدى الأشخاص المصابين بأمراضٍ نفسيةٍ، وتُقدر نسبة الذين يعانون منها بحوالي 50-80% من إجمالي المرضى النفسيين.
تتمثل اضطرابات النوم في عدة حالات أهمها:
- الأرق أي عدم القدرة على النوم أو صعوبة التمتع بنومٍ متواصلٍ.
- توقف التنفس أثناء النوم مما يجعل الشخص يستيقظ مرارًا وتكرارًا.
إنّ الحالات النفسية مثل الاكتئاب واضطراب ثنائي القطب تُسبب اضطرابات النوم، والتي بدورها تؤدي إلى تفاقم الحالة النفسية الموجودة، وكل ذلك يؤدي إلى الشعور الدائم بالتعب والوهن العام.
الأمراض الجلدية
تساهم الحالة النفسية في تحفيز الإصابة ببعض الأمراض الجلدية، وتحديدًا لدى الأشخاص الذين يملكون تاريخًا عائليًا وعاملًا وراثيًا لهذه الأمراض.
يُعتبر البهاق والصدفية والثعلبة والأكزيما من أشيع الأمراض التي يُمكن أن تَظهر أو تزداد سوءًا نتيجة الإصابة بأحد الاضطرابات النفسية، بالإضافة إلى حب الشباب وتساقط الشعر التي يُمكن أن تتفاقم عند الانزعاج أو سوء الحالة النفسية.
أضرار الجهاز التنفسي نتيجة التدخين
الأشخاص الذين يعانون من إحدى الحالات النفسية يمتلكون رغبةً في تدخين السجائر أكثر من غيرهم، وبالتالي يكون الجهاز التنفسي مُعرّضًا أكثر لمضار التدخين.
تحتوي السجائر على مادة النيكوتين التي تُحفز إنتاج الدوبامين، الذي يلعب دورًا مهمًا في الدماغ للحصول على المشاعر والأحاسيس الإيجابية، بناءً على ذلك يُمكن أن يلجأ الأشخاص المصابون بالاكتئاب إلى التدخين لتخفيف الأعراض، كونهم يمتلكون مستويات منخفضة من الدوبامين. لكن تأثير النيكوتين يكون مؤقتًا وبالتالي تزداد الحاجة إلى تدخين المزيد من السجائر، وغالبًا ما ينتهي الأمر إلى إدمان التدخين وزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض الرئوية والتنفسية والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية.
بالإضافة إلى ما سبق، فإنّ الأشخاص المصابين بالأمراض النفسية تنخفض لديهم القدرة على الاعتناء بأنفسهم وبصحتهم الجسدية، كما يُمكن أن يعانوا من صعوبة تقبل المساعدة والرعاية من الآخرين وحتى الالتزام بتناول الأدوية الموصوفة لهم من قِبل الطبيب. غالبًا ما يميلون إلى روتين الحياة قليل الحركة ويمتنعون عن ممارسة التمارين الرياضية، مما قد يؤدي إلى زيادة آلام المفاصل والعضلات.
الطرق الرئيسية للمحافظة على الصحة النفسية والجسدية
يوجد عدة طرقٍ أساسيةٍ تُساعد في حمايتنا جسديًا ونفسيًا وباتباعها يُمكن أن نحصل على حياةٍ أكثر مثالية، وتشمل:
- الالتزام بممارسة التمارين الرياضية بشكلٍ منتظمٍ ليس فقط لاكتساب شكل الجسم المثالي، بل يُمكن أن تساهم أيضًا في تحسين المزاج والحالة النفسية.
- اتباع نظامٍ غذائي صحي ومتوازن، ويُفضل أن يكون غنيًا بالفواكه والخضار، ومنخفض السكريات والدهون ليساهم في دعم الصحة العقلية والجسدية.
- تجنب تناول المشروبات الكحولية أو التدخين التي يُمكن أن تمنح شعورًا مؤقتًا بالراحة، إلّا أنّ تأثيراتها السلبية على الصحة النفسية والجسدية أكبر.
- النوم لمدةٍ تتراوح بين 7-9 ساعاتٍ في كل ليلة، بالإضافة إلى إمكانية الحصول على قيلولةٍ لا تتجاوز 30 دقيقةً خلال النهار.
- ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق والتأمل واليوجا التي تساعد في تقليل التوتر.
- استبدال الأفكار السلبية بالتركيز على الأحداث والأفكار والمشاعر الإيجابية للتقليل من التوتر.
بعد فهم أهمية الصحة النفسية وتأثيرها على أجسامنا، لا بد لنا من الاعتناء بها جيدًا وتجربة كل الطرق التي تُساعدنا في الحفاظ على حالة نفسية جيدة وجسم سليم.
المصدر: 1