يُمد الغذاء الصحي جسمنا بالطاقة اللازمة لعمله ونموه، وقد أظهرت الأبحاث والدراسات الحديثة أهمية النظام الغذائي المتوازن ودوره في مكافحة الأمراض وبناء جسم سليم أكثر مما كان يُعتقد سابقًا، خصوصًا مع الاكتشافات التي حدثت في بداية القرن العشرين وربطت بين عوز الفيتامينات والإصابة بأمراض معينة. فما هو الغذاء الصحي؟ وكيف يمكننا الحفاظ على نظام غذائي متوازن؟ وما دوره في صحة الإنسان؟ سنتعرف على كل ذلك في المقال التالي.

أهمية النظام الغذائي في الحفاظ على صحة الجسم

يبدو أن دور الغذاء في بناء الجسم والحفاظ على صحته كان معروفًا منذ أقدم العصور، ولا أدلَّ على ذلك من قول طبيب العرب الحارث بن كلدة “المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء”، لكن الفهم الحقيقي لدور العناصر الغذائية في صحة الجسم تعزز في بداية القرن العشرين عندما اكتشف فريدريك غولند هوبكنز (1861 – 1947) الفيتامينات وأكد أنَّ عوز كل فيتامين يؤدي لمرض أو اضطراب معين، ونال بفضل هذا الاكتشاف جائزة نوبل للطب والبيولوجيا في عام 1929.
اليوم أصبحنا نعرف بالتفصيل -وأكثر من أي وقت مضى- أهمية النظام الغذائي المتوازن ودوره في صحة الجسم، وأصبح واضحًا بالضبط دور كل من الدهون والأحماض الأمينية والكربوهيدرات والبروتينات والفيتامينات ووظيفة كل منها في الجسم، كما أصدرت الهيئات والمنظمات المختصة توصيات دقيقة حول النظام الغذائي المثالي لكل فئة عمرية ولكل حالة من الحالات المرضية أو الفيزيولوجية (حمل، إرضاع داء سكري، بدانة….).

ما هو النظام الغذائي المتوازن؟

ببساطة إن النظام الغذائي المتوازن هو ما يعطي جسمك كل العناصر الغذائية اللازمة لعمله ونموه، ومن دون هذه المغذيات سيكون الجسم عرضة للأمراض والتعب والعدوى، كما أن الأطفال الذين لا يتناولون طعامًا صحيًا بما يكفي قد يواجهون مشاكل في النمو والتطور والتعلم ويُصابون بالأمراض بشكل متكرر. لا بد عند اتباع نظام غذائي متوازن الحرص أيضًا على ممارسة تمارين رياضية منتظمة تساعدنا على التخلص من السعرات الحرارية الزائدة، وكل ذلك يُقلل من خطر الإصابة بالبدانة والسكري من النمط الثاني وارتفاع الضغط الشرياني، ووفقًا لمركز مكافحة الأمراض الأمريكي CDC فإن 4 أسباب رئيسية للوفاة من بين أهم 10 أسباب في الولايات المتحدة الأمريكية ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالنظام الغذائي، وبحسب إحصائيات موقع Healthline فإن 33% من الأشخاص الذين لا يتناولون طعامًا صحيًّا يعانون من اكتئاب أو اضطراب نفسي معين مقارنة بـ 18% فقط ممن يتبعون نظامًا صحيًا متوازنًا.

ما هي العناصر الضرورية لنظام غذائي صحي؟

يجب أن يكون طعامك متنوعًا وغنيًّا بالفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة والكربوهيدرات والبروتين والدهون الصحية (أي غير المهدرجة)، ويمكن تحقيق ذلك من خلال وجبات غنية بالفواكه والخضار والحبوب الكاملة ومنتجات الألبان واللحوم والبيض والسمك، وعلينا أن نعرف الحقائق التالية عن كل منها:

الفواكه

من المعروف للجميع أن الفواكه مفيدة جدًا وصحية وتجمع بين مذاق لذيذ ووجبة خفيفة، إذ تحتوي على نسبة جيدة من السكريات لكنها على عكس الحلوى لا تؤدي إلى ارتفاع مستويات سكر الدم بشكل كبير، وتزودك بالألياف والفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة الضرورية لك، وتعتبر الفواكه الموسمية أفضل من المعلبة أو المحفوظة لأنها تكون طازجة وغنية بالعناصر الغذائية المفيدة. أما إذا كنت مريض سكري ننصحك باستشارة الطبيب المختص لتحديد أنواع الفواكه المناسبة لحالتك.

الخضراوات

تعتبر الخضراوات أطعمة قليلة السعرات الحرارية ومصدرًا جيدًا للمعادن ومضادات الأكسدة والفيتامينات، خصوصًا الخضراوات الورقية مثل السبانخ والفاصوليا الخضراء والبروكلي والسلق، وبالتأكيد فإنَّ الخضراوات المحلية الموسمية هي الأكثر فائدة والأرخص ثمنًا والأسهل تحضيرًا.

توصي الجمعية الأمريكية لأمراض القلب والأوعية كل شخص بالغ بتناول 2.5 حصة غذائية من الخضار والفواكه على الأقل يوميًا (تُقدر الحصة الغذائية بحجم قبضة اليد).

الحبوب الكاملة

لا يمكن تجاهل أهمية المعجنات والخبز الأبيض في وجباتنا اليومية، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن القيمة الغذائية الأهم للقمح تكمن في القشرة الخارجية لحبة القمح والتي تُزال أثناء عملية التصنيع، ينصح الخبراء بتناول منتجات الحبوب الكاملة التي تزودنا بكميات إضافية من الفيتامينات والمعادن والألياف، ويجد العديد من الأشخاص أن الحبوب الكاملة تضيف نكهة مميزة إلى الطبق، لذا حاول أن تضيف منتجات الحبوب الكاملة إلى نظامك الغذائي اليومي.

البروتينات

تعد البروتينات ضرورية للحفاظ على الكتلة العضلية والأدوار الحيوية والاستقلابية للجسم، فهي تساعد في التئام الجروح بالإضافة إلى العديد من الأدوار الأخرى، وتعتبر اللحوم والبقوليات أهم مصادر البروتينات. للبروتينات نوعان: حيواني ونباتي ولكل منهما خصائص مميزة.

البروتينات الحيوانية

من الطرق الصحية للحصول على البروتين الحيواني: اللحوم الحمراء مثل لحم البقر والضأن، الدواجن مثل الدجاج والديك الرومي، الأسماك مثل السلمون والسردين وغيرها، لكن الهيئات الصحية المختصة تنصح بتقليل تناول اللحوم المعلبة والمملحة والمحفوظة بسبب احتوائها على العديد من العوامل المُسرطنة المحتملة بحسب تصنيف منظمة الصحة العالمية.

البروتينات النباتية

يتوفر هذا العنصر الغذائي في العدس والفاصولياء والبازلاء واللوز والمكسرات وغيرها، وجميع هذه الحبوب مصادر جيدة للبروتين والألياف، بالإضافة إلى أن الأطعمة التي تحتوي الصويا تعد بديلًا صحيًّا ورخيصًا عن اللحوم.

مشتقات الحليب

تمدك مشتقات الحليب مثل منتجات الألبان بعناصر غذائية مهمة مثل الكالسيوم وفيتامين D والبروتين والدهون، وإن كنت تتبع نظامًا غذائيًا نباتيًا، يمكنك الحصول على هذه العناصر الغذائية من بدائل الألبان (أشباه الألبان والأجبان) المتوفرة حاليًّا كبذر الكتان واللوز والكاجو والصويا والشوفان وجوز الهند، والتي غالبًا ما تكون غنية بالكالسيوم والمواد المغذية الأخرى ما يجعلها بدائل ممتازة ورخيصة للألبان، لكن قد يضاف لبعضها السكر للتحلية، لذا اقرأ لصاقة المعلومات جيدًا قبل تناولها إذا كنت تعاني من أي مرض.

الدهون والزيوت

إن الدهون ضرورية لإنتاج الطاقة والحفاظ على صحة الخلايا، لكن الإفراط في تناولها يؤدي إلى زيادة كبيرة في السعرات الحرارية ما يسبب البدانة، تنصح منظمة الصحة العالمية ألا تتجاوز الدهون 30% من إجمالي مصادر الطاقة في اليوم، بالإضافة إلى تجنب الدهون المشبعة لأنها تؤدي إلى رفع مستوى الكوليسترول في الدم، وتوصي منظمة الصحة العالمية ألا تتجاوز نسبتها 10% من طعامنا اليومي، قد تجد صعوبة في اتباع هذه التوصيات لذا اقترح أحد العلماء هذه الإرشادات:

  • دهون يمكنك تناولها دون قيد: الزيوت النباتية وزيت السمك.
  • دهون عليك التقليل من استخدامها: الزبدة والجبنة والكريمة.
  • دهون عليك تجنبها: الدهون المشبعة كالتي تستخدم في القلي.

أطعمة عليك تجنبها لتحقيق نظام غذائي صحي

ينصح الخبراء بتجنب الأطعمة التالية لتحقيق نظام غذائي صحي:

  • الطعام المكرر والمعالج بشكل كبير.
  • السكر والملح الزائد في الطعام.
  • اللحوم المعلبة والمملحة والمحفوظة.
  • الكحول.
  • الدهون المهدرجة.

يحوي النظام الغذائي المتوازن العناصر الغذائية الأساسية المذكورة آنفًا، وإن اتباع نظام غذائي متوازن يضمن لك حياة مريحة وصحية ويقلل خطر إصابتك بأمراض خطيرة ويقوي قدراتك الجسدية والنفسية، وعليك الانتباه إلى أنَّ ما هو صحي ومفيد لك قد لا يكون كذلك لغيرك، فقد يكون دقيق القمح الكامل مكونًا صحيًّا للكثير من الناس لكنه لا يناسب المرضى الذي يعانون من الداء الزلاقي (عدم تحمل الغلوتين).

مصادر: 1234567

استفد من تخفيضات حتى 50% على الآلاف من الصيدليات والمنشآت الصحية، وانضم إلى عضوية يداوي اليوم مجانًا – انضم الآن

التعليقات معطلة.