التوحد أو اضطراب طيف التوحد (ASD) هو اضطرابٌ في النمو العصبي، يؤثر على المرضى بطرقٍ متفاوتةٍ من حيث طريقة التواصل مع الآخرين والقدرة على التفاعل والاندماج في المجتمع.
تُشير الإحصائيات التابعة لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC إلى أنّ التوحد ينتشر بين الذكور أكثر من الإناث، وتتمثل الصفات الرئيسية لمرضى التوحد في إظهار أنماطٍ من السلوكيات المتكررة أو الاهتمامات المحدودة نوعًا ما.
أعراض طيف التوحد
غالبًا ما تبدأ أعراض الإصابة بطيف التوحد في سنٍ مبكرةٍ تقريبًا بين 1-2 عامًا، كما يُمكن أن تظهر الأعراض قبل أو بعد هذه الفترة. تشمل الأعراض نوعين من الإضرابات هي:
اضطرابات التواصل الاجتماعي
تبدأ قبل سن الخامسة وتظهر بشكلٍ تدريجي وفقًا للتسلسل التالي:
- عند الولادة يُعاني الرضيع من صعوبةٍ في التواصل البصري.
- في الشهر التاسع من العمر لا يُبدي الطفل أي ردة فعلٍ عند سماع اسمه ولا يتمكن من إظهار مشاعره باستخدام تعابير الوجه.
- في عمر 12 شهر عدم أو ضعف القدرة على القيام بحركات اليد مثل التلويح، بالإضافة إلى عدم الانخراط بالألعاب التفاعلية.
- بعمر 15 شهرًا لا يُشارك الطفل اهتماماته مع الأشخاص المحيطين به.
- بعمر 18 شهرًا لا يبحث عن الأماكن ولا يتمكن من الإشارة إليها.
- بعمر 24 شهرًا لا يفهم الطفل ملامح الحزن على وجوه الآخرين.
- بعمر 30 شهرًا لا ينخرط الطفل بالألعاب مثل الاعتناء بالدمية.
- بعمر 36 شهرًا يعاني مريض التوحد من صعوبةٍ في التعبير عن المشاعر أو فهم مشاعر الآخرين، يُمكن أن يترافق ذلك عند التقدم بالعمر مع مشاكل في النطق أو تأخرٍ في النطق، كما يمكن أن يطور الطفل بعض المفردات المحددة للتعبير عن المواضيع التي تثير اهتمامه فقط.
أما تعلم القراءة فيكون مختلفًا، عادةً ما يتمكن أطفال التوحد من تعلم القراءة قبل أقرانهم، ويمكن أن يبدأوا من عمر السنتين إلّا أنّهم غالبًا لا يفهمون ما يقرأون.
اضطرابات السلوك والحركات المتكررة
يمكن أن تظهر هذه الاضطرابات السلوكية على الشكل التالي:
- أداء بعض الحركات بشكلٍ متكررٍ مثل الدوران أو المشي أو حركات الذراعين.
- الارتباط بعاداتٍ وروتين غير قابلٍ للتغيير مثل وقت النوم ووقت الطعام والخروج من المنزل.
- تغير المزاج والانزعاج بمجرد تغيير التفاصيل الصغيرة.
- الاهتمام بأجزاء من الأشياء والهوس بها.
- إظهار ردود أفعالٍ قاسيةٍ وغريبةٍ عند التعرّض لأصوات أو روائح أو طعوم معينة.
- التمتع بمهارات ومواهب مميزة مثل الموسيقى أو سرعة البديهة.
أسباب التوحد وعوامل الخطر
حتى الآن لا يوجد سببٌ واحدٌ ودقيق للإصابة بطيف التوحد، وتُشير الدراسات الحديثة إلى أنّه يمكن أن ينتج عن عدة أسباب، وقد تمّ تحديد مجموعة من عوامل الخطر البيئية والوراثية التي يمكن أن يكون لها دورًا في طيف التوحد، ومنها:
- العامل الوراثي بحيث يكون أحد أفراد العائلة القريبة مصابًا بالتوحد.
- وجود بعض الاضطرابات الوراثية مثل متلازمة الصبغي X الهش.
- حدوث الطفرات الجينية.
- الولادة مع وزن قليل.
- إذا كان الأبوان من المتقدمين بالعمر.
- وجود تاريخ للإصابة بالفيروسات لدى الأم.
- تناول الأم لبعض أنواع الأدوية مثل حمض الفالبرويك والثاليدومايد ووصولها إلى الجنين.
- التعرض للملوثات والسموم البيئية والمعادن الثقيلة.
تشخيص طيف التوحد
لا يوجد فحصٌ محددٌ يؤكد إصابة الطفل بالتوحد، وغالبًا ما يكون الأمر صعبًا قبل سن العامين.
يُمكن أن يلجأ الطبيب المختص إلى عدة فحوصات بعد ملاحظة الأعراض، وتشمل:
- تقييم السلوك وكيفية تطوره.
- دراسة النمو ومراحل تطور المهارات والقدرات الحركية والجسدية والنفسية والاجتماعية.
- فحص حاسة السمع والبصر للتأكد من عدم وجود مشاكل غير التوحد.
- إجراء اختبارات جينية وفحص الحمض النووي للبحث عن أمراض وراثية.
علاج طيف التوحد
لايوجد علاجٌ نهائي لمرض التوحد بل تعمل جميع العلاجات على تحسين الحالة العامة، وتقديم الدعم المناسب ليتمكن المريض من التعايش والتأقلم بشكلٍ أفضل وزيادة الشعور بالتحسن.
وتشمل العلاجات على:
- العلاج السلوكي.
- العلاج البدني.
- علاج النطق.
- العلاج باللعب.
- تختلف استجابة كل مريض عن الآخر، لذلك يجب تحديد أساليب العلاج المناسبة لكل مريض بشكلٍ منفرد.
التوحد والصحة النفسية
لا يمكن اعتبار التوحد من الأمراض النفسية، بل هو اضطرابٌ في النمو والقدرة على تطوير مهارات التواصل مع الآخرين، ويُمكن أن يتمتع مريض التوحد بصحةٍ عقليةٍ ونفسيةٍ جيدة مثل أي شخص آخر.
بالرغم من ذلك فقد أشارت إحصائيات جمعية Autistica الخيرية المتخصصة في دعم مرضى التوحد، إلى أنّ سبعة من كل عشرة مرضى يعانون من أحد الاضطرابات النفسية مثل القلق أو الاكتئاب أو الوسواس القهري.
غالبًا ما يعود السبب في ذلك إلى الصعوبات التي تواجه مرضى التوحد عند محاولة فهم الآخرين أو التواصل معهم، أو نتيجة عدم حصولهم على الدعم النفسي المطلوب، حيث أنّه في بعض الحالات لا يتمكن الشخص من الانخراط في برامج الدعم، أو يُمكن أن لا يستطيع المعالج إيجاد الطريقة الصحية للتواصل مع المريض ودعمه.
قد يحتاج مريض التوحد إلى زيارة طبيبٍ مختص بالأمراض النفسية للحصول على الدعم، حيث يساعده ذلك في المحافظة على الصحة النفسية والعقلية، ويعزز قدراته ومهاراته في فهم الحياة بشكلٍ أفضل.