يُعد التدخين أحد العادات السيئة التي انتشرت مؤخرًا بشكل كبير بين مختلف الأعمار. عند حرق السجائر تدخل العديد من المواد الضارة إلى داخل الجسم مثل النيكوتين الذي يسبب الإدمان، بالإضافة إلى القطران وأول أكسيد الكربون، وغيرها من السموم التي لا يقتصر ضررها على الرئتين بل يمتد إلى مختلف أعضاء الجسم مسببة العديد من الأمراض، مثل: أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطانات. بناءً على ما سبق، من الضروري التفكير بشكلٍ جدي بالإقلاع عن التدخين، واتخاذ الخطوات اللازمة لذلك.
ماذا يحدث للجسم بعد الإقلاع عن التدخين؟
عند الإقلاع عن التدخين يطرأ على الجسم مجموعة من التغيرات الصحية التي تنعكس إيجابيًا على صحة الجسم بشكل تدريجي، حيث تبدأ بما يلي:
- بعد 20 دقيقة فقط من تدخين السيجارة الأخيرة يعود ضغط الدم ونبضات القلب إلى المستويات الطبيعية، كما تعود الألياف في أنابيب الشعب الهوائية إلى الحركة؛ مما يساعد في تحسين عملية التخلص من البكتريا والأجسام الغريبة المسببة للعدوى.
- بعد ثماني ساعات تنخفض مستويات أول أوكسيد الكربون الناتج عن دخان السجائر إلى المستوى الطبيعي، وترتفع مستويات الأوكسجين في الدم مما يزيد من تغذية مختلف أنسجة وخلايا الجسم.
- بعد مرور اليوم الأول تبدأ الأوعية الدموية بالاسترخاء والتوسع؛ مما يقلل فعليًا من مخاطر الإصابة بالنوبات والأمراض القلبية، كما ينخفض مستوى النيكوتين في الدم بشكل ملحوظ. وبعد يومين تبدأ باستعادة الحواس (التي كانت متراجعة مع التدخين مثل التذوق والشم) ويترافق ذلك مع إعادة نمو النهايات العصبية المتأذية من التدخين.
- خلال ثلاثة أيام تبدأ عملية التنفس بالتحسن نتيجة استرخاء الشعب الهوائية في الرئتين، وزيادة سعة الرئتين عند الامتلاء بالهواء.
- بعد مرور أسبوع بدون تدخين تزداد فرص نجاح الشخص في الإقلاع عن التدخين مدى الحياة بما يقارب 9 مرات أكثر من الأشخاص الآخرين.
- وفي غضون أسبوعين تتحسن وظيفة الرئتين بما يقارب 30%، كما يصبح المشي لمسافات طويلة أكثر سهولة.
- تظهر علامات التحسن بعد الإقلاع عن التدخين بشكل أوضح بعد مرور الشهر الأول، حيث تزداد طاقة الجسم ويقل احتقان الجيوب الأنفية المرتبط بالتدخين، كما ينخفض الشعور بضيق التنفس الذي كان يحدث عند ممارسة التمارين الرياضية.
- بعد الإنقطاع عن التدخين لمدة ثلاثة أشهر تبدأ الخصوبة لدى المرأة والرجل بالعودة إلى الحالة الطبيعية، كما تقل مخاطر حدوث الولادة المبكرة عند الحامل.
- عند الإستمرار لمدة ستة أشهر بدون تدخين تزداد قدرة الشخص على القيام بالأعمال المجهدة دون الشعور بالتعب، وتنخفض الرغبة في التدخين عند التعرّض للضغط أو التوتر النفسي. كما تنخفض كمية البلغم والمخاط المفرزة مع السعال، ويعود ذلك إلى تحسن الحالة الصحية للمسالك الهوائية التي كانت تتعرض لكميات كبيرة من المواد السامة الناتجة عن التدخين.
يزداد تحسن الصحة العامة للجسم بعد الإقلاع عن التدخين، حتى تقل مخاطر الإصابة بالنوبات والأمراض القلبية إلى نفس المستوى لدى غير المدخن في غضون ثلاث سنوات من الإنقطاع عن التدخين.
كما تنخفض مخاطر الوفاة بسرطان الرئة إلى النصف بعد خمس سنوات من الإقلاع، وتصل إلى مستوى غير المدخن بعد عشر سنوات، حيث يقوم الجسم باستبدال الخلايا التي كان من المحتمل إصابتها بالسرطان بخلايا جديدة سليمة.
يعتبر الإقلاع لمدة 15 سنة إنجازًا حقيقيًا، يساعدك في خفض مخاطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتدخين إلى مستوى شخص لم يقوم بالتدخين إطلاقًا.
طرق تساعد في التخلص من التدخين
يعتقد الجميع أن التخلص من التدخين بشكل نهائي أمرًا صعبًا ويحتاج إلى إرادة قوية، إلّا أنّ هناك العديد من الطرق التي تساعد على نجاح الإقلاع عن التدخين إلى الأبد، وأهمها:
دواء الفارينيكلين
يعمل هذا الدواء على منح الجسم نفس تأثير النيكوتين من خلال الارتباط بمستقبلاته، وتحفيز إنتاج الدوبامين المسؤول عن الشعور بالرضا، وبالتالي تقليل الرغبة في الحصول على سيجارة أخرى.
عادةً يتم وصف الفارينيكلين لمدة 12 أسبوع على الأقل، كما يُمكن مشاركته مع لصاقات النيكوتين لتحسين النتائج.
بدائل النيكوتين
استهلاك النيكوتين الموجود في السجائر يسبب الإدمان، مما يؤدي إلى ظهور أعراض مزعجة عند التوقف عن التدخين. بناءً على ذلك تُساعد بدائل النيكوتين في الحصول على كميةٍ منخفضةٍ من النيكوتين، دون التعرّض للمواد الضارّة الأخرى الموجودة في السجائر، مثل القطران وثاني أوكسيد الكربون. كما يمكن تخفيف جرعة النيكوتين بشكلٍ تدريجي للتخلص من الإدمان بشكل نهائي.
تشمل بدائل النيكوتين كل من اللصاقات والبخاخات وأجهزة الاستنشاق والعلكة. عادةً ما تُستخدم اللصاقات على مدار 24 ساعة (يُمكن إزالتها خلال الليل) حيث تُطلق في الجسم جرعات ثابتة من النيكوتين تدخل عن طريق الجلد، بالإضافة إلى استخدام الأنواع الأخرى مثل العلكة والبخاخات عند الشعور برغبةٍ شديدةٍ في تناول السجائر، حيث تمنح الجسم جرعةً صغيرةً من النيكوتين يدوم تأثيرها لمدة تكفي لتلبية الرغبة الملحة.
العلاج السلوكي المعرفي CBT
يعتمد على العلاج بالكلام وتقديم النصائح والتشجيع على تغيير العادات غير الصحية مثل التدخين، بالإضافة إلى المساعدة على تخفيف الآثار النفسية والاضطرابات المزاجية التي تترافق مع الإقلاع عن التدخين، وبالتالي تقليل مخاطر العودة إلى التدخين.
وضع قائمة أسباب للإقلاع عن التدخين
إنّ وضع قائمة خاصة تتضمن كل الأسباب التي تدفعك إلى الإقلاع عن التدخين، يُمكن أن يساعد في زيادة الإصرار. يُمكن أن تتضمن القائمة ما يلي:
- المحافظة على صحة الجسم وتحسينها.
- التخلص من روائح السجائر المزعجة التي ترافق المدخنين.
- توفير المبالغ الكبيرة التي تُدفع على المدى الطويل.
- مراعاة الأطفال لمنع تعليمهم العادات السيئة.
- إنّ مراجعة هذه القائمة في لحظات الرغبة الشديدة بتناول النيكوتين، يُمكن أن يشجع على تجاهل الرغبات والتركيز على الإقلاع عن التدخين.
يرتبط الإقلاع عن التدخين مع العديد من الفوائد الصحية والاجتماعية التي تنعكس بشكلٍ إيجابي على الحياة اليومية، وبناءً على ذلك يجب البدء في وضع خطتك الخاصة للإقلاع وبدء حياة جديدة وصحية بعيدًا عن الأمراض.