يعتبر سرطان البروستاتا أكثر الأورام الخبيثة شيوعًا عند الرجال، إذ يصيب رجلًا من بين كل ثمانية رجال. يصيب هذا الورم كبار السن ومن النادر حدوثه قبل عمر 40، وتحدث 60% من الحالات فوق عمر الخامسة والستين.
أظهرت إحصائية الجمعية الأمريكية للسرطان إصابة 174650 رجلًا بسرطان البروستاتا في الولايات المتحدة، ووفاة 31620 رجلًا بسببه في العام الماضي. تؤكد هذه الأرقام الكبيرة أهمية هذا الموضوع وضرورة التوعية حوله لا سيما في شهر نوفمبر، وهو شهر التوعية بسرطان البروستاتا ومخاطره وطرق علاجه والكشف المبكر عنه.
ما هو سرطان البروستاتا؟
البروستاتا غدة صغيرة توجد عند الرجال أسفل المثانة محيطةً بالإحليل. تساهم البروستاتا في تكوين السائل المنوي، ولها أدوار جنسية عديدة. ينشأ سرطان البروستاتا على حساب النسيج الغدي المحيطي للبروستاتا، ولذلك فإن 95% من أورام البروستاتا الخبيثة هي من النوع الغدي Adenocarcinoma، ويمكن تصنيفه إلى نوعين حسب سرعة انتشاره:
- سريع النمو: ينمو الورم بسرعة، وقد ينتشر إلى الأنسجة المجاورة كالعظام.
- بطيء النمو: إما لا ينمو أبدًا أو ينمو ببطء شديد، وأغلب الأورام من هذا النوع.
ويمكن تحديد درجة الورم أيضًا اعتمادًا على درجة تمايز خلاياه، فكلما كانت هذه الخلايا أقل تمايزًا كان الورم أخبث وأكثر عدوانية وقابلية للانتشار، ويُعرف هذا التصنيف الخاص باسم مقياس غليسون Gleason score.
أسباب سرطان البروستاتا والعوامل المؤهبة له
لا يوجد سبب واضح للإصابة بسرطان البروستاتا، وقد يكون للتاريخ العائلي أو التعرض لمجموعة من المواد الكيميائية دور في حدوثه، لكن هناك بعض العوامل التي تزيد خطورة الإصابة مثل:
- التقدم في العمر.
- وجود قصة عائلية للإصابة بسرطان البروستاتا.
- البدانة.
- عوامل جينية (مسؤولة عن 5% من أورام البروستاتا).
- عوامل بيئية تتعلق بنمط الحياة.
أعراض سرطان البروستاتا
أغلب أورام البروستاتا غير عرضية، ولكن قد يعاني المريض من عدة أعراض:
- الأعراض البولية: مثل الحاجة المتكررة للتبول خاصة في الليل، وضعف تدفق البول وخروج دم أثناء التبول.
- أعراض جنسية: قد تظهر أعراض جنسية، مثل خروج دم مع المني.
- أعراض هيكلية: وهي أعراض تظهر في بعض الأحيان مثل الألم والخدر الذي يحدث نتيجة انتشار الورم إلى العظام، إذ ينتقل عادة إلى الحوض والظهر والصدر، أما إذا انتشر إلى النخاع الشوكي سيؤدي إلى فقدان الحس في الطرفين السفليين والمثانة.
من الضروري الانتباه إلى أن هناك أمراض أخرى قد تسبب الأعراض السابقة نفسها مثل تضخم البروستاتا الحميد والتهاب البروستاتا. لذلك من المهم متابعة أي أعراض تظهر عندك، وتذكر دائمًا أن هناك فرصة كبيرة ألا يكون السرطان سببها، وبالرغم من خطورة بعض الأعراض مثل ظهور الدم في البول، لكن هناك حالات طبية أخرى غير السرطان قد تسببها أيضًا.
الكشف المبكر عن سرطان البروستاتا
إن الكشف المبكر عن السرطان يعني وضع التشخيص قبل ظهور الأعراض، وبالرغم من أن الكشف المبكر لا يقي من الإصابة لكنه يجعل العلاج أسهل وأكثر فعالية ويقيك من تطور المرض والحاجة للجراحة والعلاج الكيميائي، لقد أدى الكشف المبكر عن أورام البروستاتا إلى انخفاض نسبة الوفيات إلى الثلث تقريبًا. يمكن الكشف عن سرطان البروستاتا من خلال إحدى الطرق التالية:
- قياس مستويات المستضد البروستاتي النوعي في الدم (PSA): وهو بروتين نوعي تنتجه خلايا غدة البروستاتا ويرتفع بشكل كبير في حالات الأورام الخبيثة. تنصح الجمعية الأمريكية للسرطان بإجراء هذا الاختبار بشكل روتيني لكل الرجال فوق عمر الخمسين.
- المس الشرجي للبروستاتا (DRE): يرتدي الطبيب قفازًا ومزلقًا ويدخل إصبعه ليتحرى حجم البروستاتا وقسوتها وموضعها.
- خزعة البروستاتا التي يجريها طبيب مسالك بولية: يتم تحديد المكان الذي ستُؤخذ منه الخزعة من خلال الأمواج فوق الصوتية عبر المستقيم أو بالرنين المغناطيسي.
علاج سرطان البروستاتا
يعتمد علاج سرطان البروستاتا على العمر والحالة الصحية للمريض ودرجة الورم ومقدار انتشاره، ومن أهم الخيارات العلاجية:
- الجراحة: يمكن استئصال الورم بشكل كامل إذا كان محدودًا بغدة البروستاتا دون أي انتشار للأنسجة المجاورة أو العقد اللمفاوية القريبة، أما إذا كان الورم قد انتشر خارج حدود الغدة عند وضع التشخيص وسبَّب انسدادًا في مجرى البول يمكن إجراء تجريف للورم عبر التنظير.
- العلاج الكيميائي: يستخدم العلاج الكيميائي في حالة أورام البروستاتا المنتشرة، وهو علاج تلطيفي يهدف لتصغير حجم الورم وتقليل أعراضه وتأثيراته الجانبية.
- العلاج الشعاعي: يستخدم العلاج الشعاعي، للحد من انتشار الورم وتقليل الأعراض.
- العلاج الهرموني: من أهم علاجات سرطان البروستاتا المتقدم، إذ أنَّ أورام البروستاتا عمومًا تعتمد على هرمون الأندروجين لنموها، ويقوم مبدأ العلاج الهرموني على معاكسة هذا الهرمون أو إيقافه، ما يؤدي لتوقف نمو الورم أو تراجعه حتى.
نصائح مهمة للوقاية من سرطان البروستاتا
هناك العديد من العادات الصحية التي يمكننا اتباعها لتقليل خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، ويمكن حتى للرجال الذين لديهم خطورة أكبر للإصابة مثل العمر والعرق والجينات تقليل خطر الإصابة عبر تغيير نمط حياتهم، من خلال اتباع النصائح والتوصيات التالية:
- نظام غذائي متوازن: أكدت الدراسات أن النظام الغذائي الصحي والمتوازن عامل مهم في الوقاية من سرطان البروستاتا، من خلال تقليل تناول الدهون المشبعة والتركيز على الدهون الصحية مثل تلك الموجودة في المكسرات والحبوب والسمك، والإكثار من الخضار والفواكه، وشرب الشاي الأخضر وتناول الصويا، بالإضافة إلى تجنب اللحوم المعلبة والمصنعة.
- الحفاظ على وزن مثالي: البدانة عامل خطر مهم للإصابة بسرطان البروستاتا، لأن الرجال الذين يعانون من السمنة لديهم مستويات مرتفعة من الأنسولين وهرمون النمو حيث يُعتقد أنهما يعززان عملية التسرطن ويمنعان عملية الموت المبرمج للخلايا، ولذلك فإن الحفاظ على وزن صحي يقلل من خطر الإصابة ويقي من مشاكل صحية كثيرة.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: بالإضافة لدور الرياضة في إنقاص الوزن، فهي تخفف من العملية الالتهابية في الجسم، وتعزز المناعة، وبالتالي تقلل من خطر الإصابة بالسرطان، إذ تساعدك رياضات مثل المشي أو الجري أو ركوب الدراجة أو السباحة في زيادة كتلتك العضلية وتحسين عملية الاستقلاب لديك.
- إيقاف التدخين: قد يؤدي التدخين إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا عبر التأثير على مستويات الهرمونات في الدم أو نتيجة التعرض لمواد مسرطنة خطيرة، بالإضافة إلى أن إيقاف التدخين يجنب المريض العديد من المشاكل الصحية الأخرى وخصوصًا أمراض القلب والأوعية.
- تناول كميات كافية فيتامين D: معظم الأشخاص لا يحصلون على كمية كافية من فيتامين D لأسباب تتعلق ببيئتهم أو طبيعة عملهم، وبما أن الشمس هي المصدر الرئيسي لهذا الفيتامين، ينصح الأطباء بالتعرض لأشعة الشمس لعشر دقائق يوميًا في فترة الصباح، وقد أظهرت الدراسات الحديثة أن مكملات فيتامين D لها دور في تعزيز الشفاء من أورام البروستاتا منخفضة الدرجة.
في النهاية، لا تنسَ استشارة طبيبك في حال ظهور أي أعراض أو علامات غير مألوفة تتعلق أو ترتبط بسرطان البروستاتا، واسأل طبيبك عن عوامل الخطورة لديك وعن الفحوصات التي يمكنك فعلها والنظام الغذائي الذي عليك اتباعه، وأخبره على الفور إذا شعرت بأي انزعاج في الحوض أو المستقيم، أو أي صعوبات في التبول أو وجود دم مع البول أو السائل المنوي.