الشلل الرعاشي المعروف باسم داء باركنسون هو اضطرابٌ عصبي يظهر بشكلٍ تدريجي نتيجة تخرّب وموت خلايا المادة السوداء في الدماغ، والتي تفرز هرمون الدوبامين المسؤول عن تنسيق حركة العضلات وتوازنها. عند الإصابة بداء الشلل الرعاشي تنخفض نسبة الدوبامين تدريجيًا، مما يؤدي إلى اضطراباتٍ حركيةٍ ورعاش حتى في وقت الراحة، وتكمن خطورة المرض في أنّ الأعراض تظهر بعد فقدان 60-80٪ من المادة السوداء تقريبًا. يُصنف المرض في خمسة مراحل هي:
- المرحلة الأولى: غالبًا ما تكون دون أعراض ملحوظة، أو تظهر أعراض خفيفة في إحدى جانبي الجسم فقط.
- المرحلة الثانية: تظهر بعض الأعراض على كلا جانبي الجسم مثل الرُعاش وتصلب العضلات وتغييرات تعابير الوجه، ويفصلها عن المرحلة الأولى أشهر أو حتى سنوات.
- المرحلة الثالثة: لا تظهر أعراضٌ جديدةٌ ولكن تتطور الأعراض السابقة لتكون أكثر وضوحًا وتأثيرًا على أداء المهام اليومية، ولكن يُمكن أن يبقى المريض مستقلًا دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين.
- المرحلة الرابعة: تزداد فيها صعوبة المشي والوقوف دون أداةٍ مساعدة، كما يُصبح من الخطر أن يعيش المريض بمفرده.
- المرحلة الخامسة: تزداد الأعراض سوءًا وقد تترافق مع الهلوسة والأوهام، وبذلك يحتاج المريض إلى رعايةٍ مستمرة على مدار الساعة.
أسباب الشلل الرعاشي
حتى اليوم لم يتمكن العلماء من تحديد السبب الرئيسي للإصابة بداء الشلل الرعاشي، حيث يُمكن أن تلعب العوامل الوراثية والبيئية دورًا مهمًا فيه، كما أنّ البعض يعتقد بوجود علاقةٍ بين بعض أنواع الفيروسات والإصابة بداء الشلل الرعاشي.
بشكلٍ عام يرتبط داء باركنسون مع انخفاض مستويات الدوبامين والنورأدرينالين في الجسم، وتُشير الدراسات إلى وجود بعض عوامل الخطر التي تزيد من فرص الإصابة به، ومنها:
- الجنس: حيث أنّ الرجال أكثر عُرضةً للإصابة بالمرض من النساء بما يقارب مرة ونصف.
- العمر: في معظم الحالات يظهر داء باركنسون في عمر 50-60 عامًا، ويمكن اكتشافه قبل سن 40 في 4٪ من الحالات تقريبًا.
- العِرق: يُمكن أن يؤثر أيضًا، حيث أنّ الأشخاص البيض أكثر عُرضةً للإصابة بداء باركنسون من أصحاب البشرة الداكنة، ومن المتوقع أنّ سبب ذلك يعود إلى تأثير الموقع الجغرافي والعوامل البيئية.
- العامل الوراثي: تزداد مخاطر الإصابة في حال وجود أفرادٍ من العائلة مصابين بالمرض، وتُقدر نسبة المصابين المتأثرين بالعامل الوراثي بما يقارب 15٪ فقط وذلك وفقًا للمعهد الوطني الصحي.
- أسباب أخرى: التعرّض لإصابةٍ في الرأس أو لبعض أنواع السموم يُمكن أن يزيد من احتمال الإصابة بالمرض.
أعراض داء الشلل الرعاشي
عادةً ما تبدأ الأعراض الرئيسية للشلل الرعاشي بالظهور في مراحل متقدمة من المرض، وتشمل:
- الرُعاش أو الرجفان الذي يحدث حتى في فترات الراحة.
- صعوبةٌ في الحركة وبطء شديد.
- تصلب الذراعين والساقين والجذع.
- صعوبة التوازن عند المشي ويُمكن أن يميل الشخص إلى السقوط أحيانًا.
يترافق ذلك مع ظهور بعض الأعراض المبكرة قبل عدة سنواتٍ من الأعراض الرئيسية وتتضمن:
- ضعف حاسة الشم أو فقدانها.
- إمساك.
- اضطراباتٌ في الصوت مثل الرجفان أو الضعف.
- الكتابة بخط صغير ومتلاصق.
- تغييراتٌ في تعابير الوجه ناتجةٌ عن اضطرابات الأعصاب المسؤولة عن حركة عضلات الوجه.
- كثرة التعثر أثناء المشي.
- صعوبةٌ في التركيز والانتباه.
- مشاكل واضطرابات النوم.
- اضطراباتٌ نفسية مثل القلق والاكتئاب.
- ظهور قشور بيضاء على الجلد نتيجة الإصابة بالتهاب الجلد الدهني.
- ارتفاع مخاطر الإصابة بسرطان الجلد.
- يُمكن في بعض الحالات أن تبدأ الأعراض الحركية في إحدى جوانب الجسم ثمّ تنتقل إلى الجانب الآخر بشكلٍ تدريجي.
تشخيص وعلاج الشلل الرعاشي
لا يوجد فحصٌ محددٌ لتأكيد الإصابة بداء باركنسون، وتعتمد العلاجات المتبعة على عدة استراتيجيات يُمكن مشاركتها معًا تبعًا للحالة، وتشمل إجراء تغييراتٍ في نمط الحياة واستخدام الأدوية أو العمل الجراحي.
تغييرات نمط الحياة
تتضمن اتباع نظامٍ غذائي صحي والحصول على قسطٍ كافٍ من الراحة وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، بالإضافة إلى إمكانية اتباع بعض العلاجات الطبيعية والفيزيولوجية لتحسين الحركة.
العلاج الدوائي
- أغلب حالات باركنسون تحتاج إلى تناول أنواعٍ معينةٍ من الأدوية تساعد على التحكم بالأعراض وتحسين الحالة الجسدية والعقلية للمريض.
- يُعد الليفودوبا الدواء الأكثر فعاليةً واستخدامًا في علاج داء باركنسون، حيث يتحول في الجسم إلى دوبامين، وفي بعض الحالات يُمكن مشاركته مع الكاربي دوبا الذي يعمل على زيادة تركيز الدوبامين في الدماغ.
- كما يُمكن أن يصف الطبيب بعض الأنواع الأخرى مثل منبهات الدوبامين ومضادات الكولين ومثبطات COMT؛ التي تُساعد في دعم العلاج وتحسين النتائج.
العلاج الجراحي
نلجأ إلى التدخل الجراحي في الحالات التي لا تستجيب للعلاجات الأخرى، حيثُ يوجد نوعان للجراحة هما:
- التحفيز العميق للدماغ الذي يعتمد على زراعة أقطاب كهربائية في مناطق معينة من الدماغ موصولة مع جهاز تنظيم الدماغ، الذي يُرسل نبضاتٍ كهربائيةٍ تُحفز الدماغ وتخفف من شدة الأعراض.
- العلاج بالضخ الذي يقوم على زراعة مضخة بالقرب من الأمعاء الدقيقة، تعمل على ضخ مزيجٍ من الليفودوبا والكاربي دوبا.
رغم أنّه لا يُمكن الوقاية من مرض باركنسون، إلّا أنّ اتباع بعض العادات السلوكية والغذائية الصحية بشكلٍ منتظمٍ على مدى الحياة يُمكن أن يُساعد في تقليل مخاطر الإصابة به.