تحدث الأمراض المعدية نتيجة الإصابة بكائنات حية دقيقة مثل الجراثيم والفيروسات والفطور والطفيليات، والتي تدخل الجسم وتبدأ بالتضاعف والتأثير في الوظائف الطبيعية له مسببةً المرض. تعد الأمراض المعدية السبب الأول للوفاة في العالم، إذ تقدر إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن الأمراض المعدية تسبب أكثر من 10 ملايين وفاة حول العالم سنويًا وهو ما يقدر بنحو 17% من مجموع الوفيات في العالم. سنقدم في هذا المقال وبمناسبة أسبوع الوقاية من الأمراض المعدية -الذي يمتد بين 17 – 23 من شهر أكتوبر- لمحة عن أهم ما يجب معرفته عن كيفية مكافحة العدوى وما هي الأمراض المعدية وطرق مكافحتها.
اللقاحات هي السلاح الأكثر فعالية
منذ أن اكتشف إدوارد جينر لقاح الجدري في عام 1796 أصبحت اللقاحات بأنواعها المختلفة السلاح الأكثر فعالية في مواجهة الأمراض المعدية التي كانت تفتك بالبشرية طوال القرون السابقة.
يملك جهازنا المناعي «ذاكرة» يطورها نتيجة إصابته بالعدوى سابقًا، وعندما يقابل الجسم ميكروبًا كان قد تعرض له سابقًا، يعمل على زيادة تعداد الكريات البيضاء والأجسام المضادة التي تحميه من حدوث إصابة شديدة ثانية بالمرض. يمكن أن نعتبر اللقاح ببساطة على أنه خداع لجسم الإنسان لأنه يدفع الجهاز المناعي لتطوير ذاكرة تجاه ميكروب معين دون الإصابة به بصورة كاملة. لقد عززت جائحة كوفيد-19 من معرفتنا بأهمية اللقاحات ودورها الحاسم في وضع حد لانتشار الأوبئة المعدية، وإذا كان هناك من نصيحة يجمع عليها الأطباء اليوم فهي: على الجميع أخذ لقاح كوفيد-19 في أسرع وقت ممكن لأنه الطريقة الوحيدة الكفيلة بتخليص البشرية من هذا الكابوس الذي عطل الحياة على الأرض منذ عامين تقريبًا.
الكمامة أهم وسائل الحماية التقليدية
ينصح الخبراء اليوم في ظل جائحة كوفيد-19 بارتداء الكمامة في الأماكن العامة باعتبارها من الوسائل الفعالة في منع انتقال الفيروسات وبقية العوامل المسببة للأمراض المعدية. تختلف أنواع الكمامات وفعاليتها في الوقاية من الأمراض المعدية، وقد أظهرت الدراسات أن النوع N95 هو الأكثر فعالية وأن الكمامات الجراحية تتفوق على الكمامات القماشية العادية في مستويات الحماية التي تقدمها، ورغم ظهور بعض الآراء حول إمكانية عدم ارتداء الكمامات من قبل الأشخاص الذين تلقوا جرعات كاملة من اللقاح لكن أغلب المنظمات والهيئات المعنية لا تزال توصي بارتداء الكمامات خصوصًا في الأماكن المزدحمة المغلقة وخلال النشاطات التي تتضمن تقاربًا شديدًا بين الأشخاص.
اغسل يديك بشكل متكرر
تستطيع الكائنات الحية الدقيقة كالفيروسات والجراثيم العيش على أي سطح صلب من عدة دقائق حتى ساعات أو أيام، ويمكن أن تتواجد في كل مكان تتخيله وأي شيء تلمسه. من هنا تظهر بوضوح فائدة غسل اليدين بشكل متكرر وبطريقة صحيحة. ينصح مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC بغسل اليدين باستمرار وبشكل متكرر باستخدام مطهر كحولي أو باستخدام الصابون والماء لمدة 20 ثانية، متبوعًا بتجفيفها بشكل جيد، وقد أظهرت الدراسات التي ظهرت في ظل جائحة كورونا أن الماء والصابون أفضل من المطهرات الكحولية بفضل الآلية الميكانيكية التي تساهم في إزالة الجزيئات كبيرة الحجم أثناء غسل اليدين بالماء والصابون.
لا تشارك أدواتك الخاصة
يمكن لفرشاة الأسنان والمناشف وشفرات الحلاقة والمناديل وغيرها أن تكون مصدرًا لنقل الجراثيم والفيروسات والفطور، لذا حاول أن تحافظ عليها ولا تشاركها مع غيرك، كما ينبغي تذكير الأطفال دائمًا بالأشياء التي يمنع مشاركتها مع أصدقائهم.
غطي فمك عند السعال والعطاس
من العادات الصحية المهمة التي يجب الالتزام بها بالإضافة لغسيل الأيدي المتكرر هي تغطية الفم عند السعال والعطاس، يتساءل البعض عن سبب أهمية هذه العادة وضرورة الالتزام بها حتى إن لم يكن الشخص مريضًا، بالنسبة لمعظم الأمراض المعدية، يكون العامل المُمرض (فيروس، جرثومة) قد تضاعف وانتشر داخل جسدك قبل ظهور أي أعراض عليك حتى، ويمكن أن ينشر السعال والعطاس هذه الجراثيم والفيروسات في قطيرات الرذاذ التي تخرج من الفم، ولذلك ينبغي عليك تغطية فمك بذراعك أو مرفقك أو أكمامك، بدلًا من استخدام راحة اليدين. يمكنك في حال كنت ترتدي كمامة أن تسعل داخلها وتعطس دون أن تقلق، وبعدها يمكنك لبس كمامة جديدة عندما تسنح الفرصة مع إعادة غسل يديك.
التزم بالتباعد الاجتماعي وتجنب الحشود والأماكن فقيرة التهوية
إن التواجد في أماكن مزدحمة مثل المطاعم وصالات الرياضة والسينما يضعك في خطر أكبر للإصابة بفيروس كورونا وبقية الأمراض المعدية، لذا حاول تجنبها قدر الإمكان، خصوصًا إذا كنت تعيش في مدينة أو منطقة موبوءة (معدل انتشار عالٍ لمرض معدٍ)، وينبغي أيضًا تجنب الأماكن المغلقة غير المهواة بصورة جيدة، وإن كنت مجبرًا على الدخول إليها حاول أن تفتح النوافذ والأبواب لإدخال أكبر قدر من الهواء النقي. إن قواعد الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي رغم قسوتها وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، أنقذت ملايين الأرواح خلال الأوبئة التي واجهتها البشرية طوال آلاف السنين الماضية.
اهتم بطعامك وليكن دائمًا نظيفًا وصحيًا
تنتقل العديد من الجراثيم والفيروسات عن طريق الأطعمة الملوثة واللحوم النيئة والخضار والفواكه غير النظيفة، ومن هنا تظهر أهمية الغسل الجيد للفواكه والخضار قبل أكلها أو استخدامها، وطهي اللحوم وغلي الحليب ومشتقاته. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالغذاء الصحي المتكامل وسيلة فعالة في تعزيز مناعة الجسم لمكافحة الأمراض المعدية والتغلب عليها، وفي هذا السياق توصي الجمعية الأمريكية لأمراض القلب والأوعية بما يلي:
- اختيار الأطعمة والأشربة منخفضة السعرات الحراريَّة.
- تقليل تناول اللحم الأحمر واللحوم المُعلبة والمُدخنة والمُملحة والدهون.
- تناول 2,5 حصة غذائية من الخضار والفواكه يوميًا على الأقل (الحصة الغذائيَّة بحجم قبضة اليد تقريبًا).
تجنب بعض العادات السيئة كوضع يدك في أنفك أو فمك أو عينيك
لا تُمثل هذه الأفعال عادات اجتماعية مكروهة فقط، بل تؤدي أيضًا إلى انتشار الأمراض ونقلها، إذ تفضل الكثير من الفيروسات والجراثيم البيئة الرطبة والدافئة داخل أنفك وفمك وعينيك، ويمكن منع نقل العدوى بسهولة عبر تجنب لمس هذه المناطق أو غسل اليدين بعد لمسها.
تعامل بحذر مع الحيوانات
تسمى الأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر بالأمراض حيوانية المصدر، وهي شائعة جدًا أكثر مما يظن الناس، ويعد كوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا المستجد الذي سبب الوباء العالمي الحالي مرضًا حيواني المصدر. إذا كنت تملك حيوانًا أليفًا في المنزل فاحرص على إخضاعه للفحوصات الدورية بانتظام وإعطائه اللقاحات الكاملة. نظف دائمًا صناديق فضلات الحيوانات باستمرار، وحافظ على الأطفال الصغار بعيدًا عن براز الحيوانات.
تحمل أنواع مختلفة من الحيوانات البرية أمراضًا مختلفة مثل إنفلونزا الطيور والطاعون وداء لايم. اجعل المنطقة المحيطة بالمنزل محمية من انتشار القوارض والحيوانات الشاردة عبر إزالة المناطق التي يختبئون بها ويبنون أعشاشهم فيها، واستخدم سلل مهملات مقاومة للجرذان خاصة تلك التي تضع فيها بقايا الطعام، وأغلق فجوات الجدران التي تؤمن ممرًا سهلًا للحيوانات لدخول المنزل، وعلم أطفالك الصغار أن يكونوا أكثر حذرًا في التعامل مع الحيوانات البرية. في النهاية، اغسل يديك دائمًا وحافظ على أيدي أطفالك نظيفة بعد زيارة حديقة الحيوان أو بعد التعامل مع الحيوانات.
التزم بقواعد السفر الآمن
يمكن للأمراض المعدية أن تصيبك بسهولة عند السفر، خاصة إلى البلدان التي تنتشر فيها أوبئة معينة (كالملاريا في إفريقيا). في حال كان الوصول إلى المياه النظيفة صعبًا في البلد الذي ستسافر إليه، خذ معك ماءً نظيفًا معلبًا للشرب وتنظيف الأسنان، وتناول الطعام المطهي فقط، وتجنب الخضروات والفواكه غير النظيفة. وأخيرًا، احرص على أخذ اللقاحات المطلوبة قبل السفر إلى الوجهة المحددة.
هذه القواعد السابقة رغم بساطتها تشكل حجر الزاوية في مكافحة الأمراض المعدية والوقاية منها، وهي كفيلة في تقليل احتمالية انتقال الجراثيم والفيروسات بما فيها فيروس كورونا المستجد، وعلى الجميع معرفتها والالتزام بها بدقة.