مع التقدم بالعمر يُمكن أن يشعر الشخص ببعض التعب أو العلامات الصحية البسيطة التي غالبًا لا نُعطيها أهميةً كونها تنتج عن التغذية أو الروتين اليومي، ولكن في بعض الأحيان يُمكن أن تدل هذه العلامات على بداية الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
يُشير مصطلح ضغط الدم إلى كمية الدم المُتدفقة في الأوعية الدموية ومقدار مقاومة جدران الأوعية الدموية للدم، ويؤدي نقص مرونة الجدران أو تضيق الشرايين إلى زيادة المقاومة وبالتالي ارتفاع ضغط الدم. يُعطي قياس ضغط الدم رقمين، الأول يُشير إلى الضغط الانقباضي الذي تكون قيمته الطبيعية أقل من 120 ميليمتر زئبقي، والثاني يُشير إلى الضغط الانبساطي وقيمته الطبيعية أقل من 80 ميليمتر زئبقي. يُعد ارتفاع ضغط الدم من الأمراض الشائعة جدًا، حيثُ تُقدر نسبة المصابين بحوالي 50% من عدد البالغين في العالم.
ما هي أعراض ارتفاع الضغط؟ وكيف يتم التشخيص والعلاج؟
الأعراض
بشكلٍ عام يُعد ارتفاع ضغط الدم من الحالات التي لا تترافق مع أعراضٍ واضحةٍ وشديدةٍ، حيثُ يُمكن أن يبقى المرض صامتًا دون أعراض لفتراتٍ طويلةٍ تصل إلى عدة سنواتٍ حتى تتفاقم الحالة بما يكفي لتُعطي أعراضًا ظاهرة.
خلال هذه الفترة يُمكن أن يحدث خطأ في التشخيص ويعتقد المريض أنّ هذه الأعراض البسيطة تعود إلى أسبابٍ أخرى.
بالرغم من ذلك فإنّ أعراض ارتفاع الضغط الشديد تتضمن ما يلي:
- الصداع والدوار.
- رعاف الأنف.
- ألمٌ في الصدر.
- صعوبةٌ في التنفس.
- اضطراباتٌ في الرؤية.
- زيادة البول وفي بعض الحالات يُلاحظ قطراتٌ من الدم في البول.
عند ملاحظة هذه الأعراض يجب الحصول على الرعاية الطبية اللازمة مباشرةً، ومن الأفضل أن يتم مراقبة ضغط الدم بشكلٍ منتظمٍ للكشف عن حالات ارتفاعه بوقتٍ مبكرٍ قبل أن يتطور إلى هذه الأعراض.
التشخيص
لا يحتاج تشخيص ارتفاع ضغط الدم إلى الكثير من الفحوصات والتحاليل، ويعتمد فقط على قياس ضغط الدم بشكلٍ منتظمٍ لعدة أيامٍ أو أسابيع متتاليةٍ للتأكد من وجود مشكلةٍ دائمةٍ في الضغط، من الممكن أن يتغير مستوى ضغط الدم تبعًا للحالة التي تمر بها مثل النشاط البدني أو التوتر، لذلك نادرًا ما يتم التشخيص لمجرد ملاحظة ارتفاع في إحدى مرات قياس الضغط، رغم ذلك يُمكن أن يطلب الطبيب في بعض الحالات إجراء عدة تحاليل مثل:
- تحليل البول.
- تحليل دمٍ شامل وتحديدًا نسبة الكوليسترول.
- تخطيط كهرباء القلب ECG.
- التصوير بالأمواج فوق الصوتية للقلب والكليتين.
تُساعد هذه الاختبارات في تحديد سبب ارتفاع ضغط الدم، ومدى تأثيره على أعضاء الجسم الأخرى.
أنواعه وأسبابه
يُصنف ارتفاع ضغط الدم إلى نوعين رئيسين يختلفان بالأسباب وهما:
ارتفاع ضغط الدم الأساسي
هو الأكثر انتشارًا، ولا يوجد له سببٌ واضحٌ إلّا أنّه يتطور مع الوقت، ويُمكن أن يحدث نتيجة عدة عوامل تتمثل في:
- الوراثة: إذا كان أحد الأبوين يحمل طفراتٍ جينيةً يُمكن أن تنتقل للأبناء وتُسبب الإصابة بارتفاع ضغط الدم الأساسي.
- التغيرات الجسدية: التقدم بالعمر والتغيرات التي ترافقه يُمكن أن تلعب دورًا في ارتفاع ضغط الدم، مثل تراجع وظيفة الكلى التي تؤدي إلى خللٍ في توازن الشوارد والأملاح في الجسم والتي تُسبب بدورها ارتفاع ضغط الدم.
- العادات اليومية: مع مرور الوقت تبدأ آثار العادات غير الصحية في الظهور، وبشكلٍ خاص عند اتباع نظامٍ غذائي غير متوازنٍ أو قلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة التي تُشكل سببًا لزيادة الوزن وزيادة مخاطر الإصابة وظهور أعراض ارتفاع الضغط الدموي.
ارتفاع ضغط الدم الثانوي
على العكس من ارتفاع الضغط الأساسي، فإنّ هذا النوع يحدث بسرعةٍ وبشكلٍ مفاجئٍ نتيجة وجود أحد الأسباب التالية:
- عيوبٌ خلقيةٌ في القلب والأوعية الدموية.
- اضطراباتٌ في الغدة الدرقية.
- أمراض الكلية.
- اضطرابات الغدة الكظرية أو أورام الغدد الصُم.
- استخدام بعض أنواع الأدوية.
علاج وتدبير أعراض ارتفاع الضغط الدموي
هناك عدة مجموعاتٍ من الأدوية التي تُساعد في السيطرة على ارتفاع ضغط الدم ويُطلق عليها اسم خافضات ضغط الدم، ويختار الطبيب العلاج المناسب لكل حالة تبعًا لنوع ارتفاع ضغط الدم والأسباب المؤدية إليه.
-
علاج ارتفاع ضغط الدم الأساسي
يبدأ علاج هذا النوع بإجراء بعض التغييرات في نمط الحياة التي يُمكن أن تساعد في السيطرة على الحالة، وفي حال عدم فعاليتها يلجأ الطبيب إلى إعطاء أحد أنواع الأدوية الخافضة للضغط.
-
علاج ارتفاع ضغط الدم الثانوي
في هذا النوع من الضروري أن يتم تحديد سبب ارتفاع ضغط الدم ومعالجته، على سبيل المثال يجب التوقف عن استخدام أي دواءٍ تشمل آثاره الجانبية على ارتفاع ضغط الدم واستبداله بأنواعٍ أخرى أكثر أمانًا.
بالرغم من معالجة السبب يُمكن ألا يُشفى المريض من ارتفاع ضغط الدم، وفي هذه الحالة يُحدد الطبيب العلاج المناسب لخفض الضغط مع تقديم بعض النصائح لتغيير الروتين اليومي المعتاد.
العلاجات غير الدوائية لارتفاع ضغط الدم
إنّ إجراء بعض التغييرات في نمط الحياة والروتين الغذائي للمريض، يُمكن أن يُساهم في السيطرة على مستويات ضغط الدم، ومن أهم هذه التغييرات:
الالتزام بنظام غذائي صحي ومتوازن
إنّ الوجبات الغنية بالخضار والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون تلعب دورًا مهمًا في تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية، كما تحمي من حدوث مضاعفات ارتفاع ضغط الدم مثل السكتة الدماغية والنوبات القلبية.
يُنصح مرضى الضغط بالتقليل من استهلاك الصوديوم (ملح الطعام) كونه يُساهم في زيادة ارتفاع الضغط، بالإضافة إلى الحد من تناول الدهون المشبعة واستبدالها بالأطعمة الغنية بالبوتاسيوم والكالسيوم والمغنزيوم.
ممارسة التمارين الرياضية
تساعد ممارسة الرياضة في الحصول على وزنٍ مثالي، بالإضافة إلى أنّها تُساعد في التخفيف من التوتر ودعم عضلة القلب والأوعية الدموية وبالتالي السيطرة على قيم ضغط الدم بشكلٍ طبيعي.
يوصي الخبراء بممارسة الرياضة بمعدل 150 دقيقةٍ في الأسبوع، أي حوالي 30 دقيقةً في اليوم ولمدة 5 أيام في الأسبوع.
الابتعاد عن مصادر التوتر
كما ذكرنا فإنّ ممارسة الرياضة تُساعد في تخفيف التوتر، كما أنّ ممارسة بعض النشاطات الأخرى يُمكن أن يكون مفيدًا مثل:
- التأمل واليوجا.
- تمارين التنفس العميق.
- تقنيات الاسترخاء وتدليك العضلات.
إيقاف التدخين والحد من تناول الكحول
تحتوي السجائر على مواد كيميائيةٍ تسبب تلف الأنسجة وتُقلل من مرونة جدران الأوعية الدموية، وبالتالي ارتفاع ضغط الدم، كما أن تناول كمياتٍ كبيرةٍ من المشروبات الكحولية لها نفس التأثير في رفع الضغط.
في أغلب الحالات يحتاج مريض ارتفاع ضغط الدم إلى تغيير خطط العلاج بين الفترة والأخرى، لأنّ ما هو فعّالٌ في البداية يُمكن أن تقل فعاليته مع الزمن، لذلك من الضروري أن يبقى المريض على تواصلٍ مع طبيبه، ويقوم بالزيارات الدورية للاطمئنان على استقرار حالته.
المصدر: 1