يُقدر برنامج التنمية التابع لمنظمة الأمم المتحدة وجود ما يزيد عن مليار شخص، يعيش مع شكل من أشكال الاحتياجات الخاصة في العالم حاليًا، وهو ما يُشكل 15% من مجمل سكان العالم. يعيش 80% من هؤلاء في الدول النامية في قارَّتي آسيا وإفريقيا. يحتفل العالم في كل سنة في الثالث من شهر ديسمبر باليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، ويهدف هذا الاحتفال إلى تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتحسين مستوى حياتهم في جميع المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.
ما هو تعريف الاحتياجات الخاصة؟
تُعرف المنظمات التابعة للأمم المتحدة الاحتياجات الخاصة بأنها أيّ حالة طبية تُقيد قدرة الشخص المصاب بها على ممارسة النشاطات اليومية، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية. تكون الاحتياجات الخاصة إمَّا خلقية تولد مع الشخص، أو مكتسبة تحدث نتيجة التعرض لأذية أو حادث معين. يحدد التصنيف الدولي للوظائف والعجز والصحة ICF التابع لمنظمة الصحة العالمية الاحتياجات الخاصة بكونها تجربةً متعددة الأبعاد يعيشها الشخص المصاب، تتضمن كلا من:
- الأذية التي يعيشها الفرد في قدرته الجسدية أو الوظيفية أو العقلية، مثل: فقدان طرف، أو فقدان البصر، أو فقدان الذاكرة.
- صعوبات يواجهها المصاب في حياته نتيجة تقييد نشاطاته، مثل: الرؤية، أو السمع، أو الحركة، أو حل المشكلات اليومية.
- صعوبة في ممارسة نشاطاته اليومية والاجتماعية بسبب القيود الثقافية والبيئية، مثل: العمل، أو ممارسة النشاطات الاجتماعية والترفيهية، أو الحصول على تأمين صحي مثل بقية الأشخاص.
أنواع الاحتياجات الخاصة
تُصنف الاحتياجات الخاصة إلى عدة أنواع تختلف حسب القدرة الجسدية المصابة، وعمر الشخص المصاب، والعامل المُسبب لها، وتتضمن:
الاحتياجات الخاصة الحركية:
تتضمن هذه الفئة جميع الأذيات التي تصيب العظام، أو العضلات، أو المفاصل، أو المراكز الحركية في الدماغ والنخاع الشوكي، ما يؤدي إلى تقييد الحركة الجسدية للأطراف. تتنوع العوامل المُسببة للاحتياجات الخاصة الحركية، وتتضمن: الإصابة بالأمراض المُعدية مثل فيروس شلل الأطفال، أو الأمراض الوراثية التي تؤدي إلى الضمور العضلي، أو التعرض للأذيات الرضية التي تصيب النخاع الشوكي أو الدماغ أو الأنسجة الرخوة أو التي تؤدي إلى بتر الأطراف أو الكسور العظمية.
الاحتياجات الخاصة البصرية:
تتضمن جميع الأذيات التي تؤدي إلى ضعف القدرة البصرية أو فقدانها التام، وتكون إما خلقية أو نتيجة أذية رضية أو مرضية أو تنكسية، وتشمل: مد البصر وحسر البصر والزرق واعتلال الشبكية السكري والعمى. يستخدم هؤلاء الأشخاص طرقًا خاصة في التواصل مع العالم المحيط.
الاحتياجات الخاصة السمعية:
تشمل الأذيات التي تؤدي إلى ضعف القدرة السمعية أو فقدانها التام، وتكون إما خلقية أو مكتسبة كما في التهاب السحايا الحاد الذي يسبب أذية الحلزون في الأذن الباطنة المسؤول عن تحويل التنبيهات الصوتية إلى إشارات عصبية تنتقل عبر العصب السمعي إلى الدماغ. يمكن أن يستخدم الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في السمع مُعينات سمعية hearing aids أو يجروا عمليات زرع حلزون تساعدهم على استعادة قدرتهم السمعية بمساعدة مراكز التأهيل المتخصصة، وتحصل أفضل النتائج عند الأشخاص الذين اكتسبوا قدرتهم الكلامية قبل فقدانهم قدرتهم السمعية. يمكن أن يستخدم الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة السمعية لغة الإشارة في التواصل مع العالم المحيط.
الاحتياجات الخاصة في التعلم:
تنتُج الاحتياجات الخاصة في التعلم عن عوامل وراثية أو عصبية تؤدي لتغيير وظيفة الدماغ بما يؤثر على واحدة أو أكثر من القدرات التعلمية عند الشخص المصاب، مثل القراءة والكتابة واستيعاب الرياضيات. يمكن أن تتأثر الوظائف الدماغية العُليا أيضًا، مثل: التنظيم والتخطيط والفهم المجرد والذاكرة طويلة وقصيرة المدى والتركيز. لا يقتصر تأثير الاحتياجات الخاصة في التعلم على الحياة الدراسية والأكاديمية، إنما يتعداها نحو الحياة الشخصية والاجتماعية مع العائلة والأصدقاء والمحيط. لا يمكن معالجة الاحتياجات الخاصة في التعلم بنفس طرق علاج الاحتياجات الخاصة الأخرى، لأنها حالة صحية تستمر مدى الحياة، لكن مع العناية والتشجيع والاهتمام المناسب، يستطيع هؤلاء الأشخاص النجاح في الحياة الدراسية والعملية والاجتماعية. تتضمن الاحتياجات الخاصة في التعلم: خلل الحساب واضطرابات الكتابة وخلل القراءة واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD، وخلل الأداء.
الاحتياجات الخاصة الناجمة عن الأذيات الدماغية المُكتسبة:
تصيب الاحتياجات الخاصة الناجمة عن الأذيات الدماغية المكتسبة الذكور أكثر من الإناث، ويتراوح عمر الأشخاص المصابين غالبًا بين 40 و48 عامًا. تنتج هذه الاحتياجات الخاصة عن أي أذية تصيب الدماغ، وتتنوع أسبابها من الرضوض على الرأس، وتعاطي الكحول والمخدرات، ونقص الأكسجة الدماغية، والأورام الدماغية، والأمراض العصبية التنكسية مثل: الزهايمر، وداء باركنسون، والتصلب اللويحي. يعاني الأشخاص المصابون زيادة في التعب الجسدي والعقلي، ويستغرقون وقتًا أطول في معالجة المعلومات والتخطيط وحل المشكلات، وقد تحدث في بعض الأحيان تغيرات في السلوك والشخصية والقدرات الجسدية.
الاحتياجات الخاصة النفسية: تتضمن جميع الاضطرابات النفسية التي تؤثر في العواطف والإدراك والسلوك عند الشخص المصاب. تتضمن الاضطرابات النفسية كلًا من الاكتئاب، والقلق، والفُصام، والاضطراب ثنائي القطب، واضطراب ما بعد الصدمة. تتميز الاضطرابات النفسية بصعوبة تشخيصها، وعدم وضوحها، بالإضافة إلى أن علاجها يستغرق وقتًا طويلًا وعنايةً مستمرة من الأهل والأصدقاء.
نصائح هامة في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة
حاول أن تسأل الأشخاص ذو الاحتياجات الخاصة إن كانوا يحتاجون إلى المساعدة، واصغِ بوضوح وتفهم إلى أدق التفاصيل، ولكن ضع في حسبانك دائمًا أنهم قد يرفضون عرض المساعدة أو لا يحتاج إلى المساعدة في الوقت الحالي. عند محاولتك مساعدة شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة البصرية، دعهم دائمًا يمسكون بيدك بدلًا من أن تمسك أنت بيدهم، وصف لهم بوضوح أيّ تغيرات تحصل في البيئة المحيطة، مثل وجود أدراجٍ أو عوائق، أما عند التحدث مع شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة السمعية تحدث بصوتٍ واضحٍ معهم مباشرة، وليس فقط إلى الأشخاص المرافقين له، وتحدث دائمًا بصوت ونغمة واضحةٍ واعتياديةٍ، إلّا في حال طُلب منك تغيير أسلوبك. أما عند معاناتك من صعوبات في فهم الكلام الموجه إليك، اطلب منهم إعادة طرح كلامهم أو اعرض عليهم استخدام ورقة وقلم لكتابة ما يريدون التعبير عنه.
تحلى بالصبر دائمًا عند التحدث مع شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في التعلم، وعامله دائمًا باحترام وتفهم، وتجنّب إظهار التململ والتوتر والملل، لأن ذلك قد يؤثر بشدة على تركيز وأداء هؤلاء الأشخاص، وابدأ بالمفاهيم البسيطة عند التحدث معهم حول موضوع معين، وارفع من درجة تعقيد الموضوع بالتدريج، وكن دائمًا مستعدا لإعادة شرح الأفكار مرة أخرى.
تقاس درجة تطور كل مجتمع بالأسلوب الذي يعامل به الفئات الأضعف والأكثر احتياجًا فيه، ويمثّل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة فئةً لا تتجزأ من المجتمع، ويجب علينا معاملتهم بكل اهتمام واحترام وعناية، ومساعدتهم على عيش حياة كريمة يكونون فيها جزءًا فعّالًا من المجتمع ومساهمين في بنائه.