يتكون جسم الإنسان من عددٍ هائلٍ من الخلايا، التي يمتلك أغلبها وظيفةً معينةً وعمرًا محددًا تتلقى بعده أمرًا بالتوقف عن الانقسام والموت، هذه العملية الطبيعية مهمةٌ جدًا من أجل تجديد الخلايا القديمة في الجسم، واستبدالها بخلايا جديدة قادرة على أداء عملها بشكلٍ أفضل ويُشار إليها باسم الموت المبرمج للخلايا.
الخلايا السرطانية لا تستجيب لأوامر الموت وتستمر بالانقسام والتراكم في الجسم، حيث تستمد الطاقة من الأكسجين والمواد المغذية المستخدمة في تغذية خلايا الجسم السليمة. نتيجة الانقسام المستمر يُمكن أن تشكل الخلايا السرطانية كتلةً ورمية، كما يُمكن أن تؤثر على الجهاز المناعي وتُضعفه وتقلل من قدرة الجسم على أداء وظائفه المختلفة.
عادةً ما تصيب الخلايا السرطانية إحدى مناطق الجسم، وفي حال عدم اكتشافها ومعالجتها يُمكن أن تنتقل من خلال العقد اللمفاوية الموزعة في مختلف أنحاء الجسم إلى مناطق أخرى.
الأسباب
يوجد العديد من عوامل الخطر التي تؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بالسرطانات، ولكن يمكن الوقاية منها، ومن أهمها:
- التدخين.
- الإفراط في تناول المشروبات الكحولية.
- زيادة الوزن والبدانة.
- الخمول وقلة النشاط البدني.
- سوء التغذية.
كما أنّ التقدم بالعمر يُعد واحدًا من عوامل الخطر للإصابة بالسرطان، حيث أنّ 87% من المرضى الذين تمّ تشخيص إصابتهم كانت أعمارهم تتجاوز 50 عامًا، وذلك وفقًا لجمعية السرطان الأمريكية.
العامل الوراثي والسرطان
تحصل الخلايا على معلومات الانقسام من خلال الشفرات الوراثية، وعند حدوث أي خللٍ أو تغييرٍ في هذه المورثات فإنّ الخلايا لن تحصل على المعلومات الصحيحة، وبالتالي يُمكن أن تتشكل الخلايا السرطانية.
بعض أنواع المورثات يُمكن أن تؤثر على البروتينات المسؤولة عن إصلاح الخلايا التالفة، مما قد يُسبب الإصابة بالسرطان. كما يمكن أن تطرأ بعض التعديلات على المورثات بعد الولادة؛ نتيجة التعرض لعوامل خارجية مثل أشعة الشمس أو التدخين. هناك 5-10% من حالات السرطان ناتجةٌ عن إنتقال طفراتٍ وراثيةٍ من الآباء إلى الأبناء، وتسمى هذه الحالة بمتلازمة السرطان الوراثية.
حقائق للوقاية من السرطان
- تساعد الرضاعة الطبيعية في الوقاية من الإصابة بسرطان الثدي وذلك تبعًا لمركز السيطرة على الأمراض CDC، وغالبًا ما يعود السبب في ذلك إلى الهرمونات، حيث يقل إنتاج هرمون الأستروجين لدى المرأة المُرضع، مما يُمكن أن يقلل من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض وبطانة الرحم.
- ممارسة التمارين الرياضية المنتظمة تساعد في الحفاظ على وزنٍ صحي للجسم، وبالتالي الوقاية من الإصابة بالسرطان، حيث توصي جمعية السرطان الأمريكية بممارسة الرياضة المعتدلة لمدة 150 دقيقة على الأقل في الأسبوع، أو 75 دقيقة من الرياضة الشديدة في الأسبوع.
- الابتعاد عن التوتر والاجهاد، حيث أن بعض الأشخاص يتجهون في حالات التوتر إلى ممارسة عاداتٍ غير صحية مثل التدخين أو شرب الكحول أو الإفراط في تناول الطعام، لذلك يُنصح باللجوء إلى طرقٍ صحيةٍ أكثر مثل ممارسة الرياضة أو التأمل أو التحدث مع معالجٍ متخصصٍ للتعامل مع نوبات التوتر والغضب.
- إنّ الاعتماد على الطعام العضوي المزروع بعيدًا عن المبيدات الحشرية والمواد الكيميائية الضارة يساعد في الحفاظ على صحتك وتقليل مخاطر الإصابة بالسرطان، كما أنّ غسل الأطعمة جيدًا يمكن أن يساهم في الوقاية من السرطان أيضًا.
العلاج
يعتمد اختيار العلاج لكل مريض على نوع السرطان والمرحلة التي تمّ اكتشاف المرض بها والحالة الصحية العامة للمريض. ومن أهم أنواع العلاج المتوفرة:
- العلاج الكيميائي: تعمل أدوية العلاج الكيميائي على قتل الخلايا السرطانية سريعة الانقسام، إلّا أنّ آثارها الجانبية شديدة كونها تؤثر أيضًا على خلايا الجسم السليمة.
- العلاج الهرموني: يُستخدم هذا العلاج بشكلٍ رئيسي في السرطانات التي تتدخل فيها الهرمونات مثل سرطان البروستات وسرطان الثدي، حيث تؤثر هذه الأدوية على إنتاج الهرمونات وطريقة عملها.
- العلاج بالأشعة: يعتمد على استخدام أنواع معينة من الأشعة التي تعمل على قتل الخلايا السرطانية، ونلجأ عادةً إلى هذه الطريقة قبل الخضوع للجراحة، بهدف تقليل حجم الورم أو تخفيف الأعراض الناتجة عنه.
- الجراحة: يخضع المريض لعملٍ جراحي لاستئصال الأورام السرطانية أو استئصال العقد اللمفاوية وبالتالي الحد من انتشار المرض.
- زرع نقي العظام: تتم عملية زرع الخلايا الجذعية في نقي العظام بشكلٍ خاص عند المرضى المصابين بسرطانات الدم مثل اللوكيميا وسرطان الغدد اللمفاوية.
- الطب الدقيق: إحدى طرق العلاج الحديثة التي تعتمد على تحديد جينات الخلايا السرطانية الموجودة لدى المريض وتحديد العلاج المناسب لكل حالة. بالرغم من ذلك، فإنّ هذه الطريقة لا تزال بحاجة إلى المزيد من الدراسة للتأكد من فعاليتها في معالجة مختلف أنواع السرطانات.
يُمكن أن يلجأ الطبيب المعالج إلى مشاركة أكثر من طريقةٍ للعلاج من أجل تسريع الشفاء والحصول على أفضل النتائج.
في الواقع، يوجد أكثر من 100 نوع من السرطان وأكثرها انتشارًا سرطان الثدي والرئة والبروستات، ويموت سنويًا عددٌ كبيرٌ من الأشخاص نتيجة الإصابة بهذا المرض، إلّا أن الأبحاث والدراسات لا تزال قائمةً لإيجاد طرقٍ جديدةٍ وأكثر فعاليةً للوقاية والعلاج.