من الخطأ أن نعتبر النوم جزءًا من الرفاهية، بل على العكس تمامًا يُشكل النوم الصحي عنصرًا رئيسيًا في المحافظة على الصحة الجسدية والنفسية، ولا تقل أهميته عن الغذاء المتوازن أو ممارسة الرياضة. تختلف ساعات النوم التي يحتاجها كل شخص تبعًا لعدة عوامل، حيث ينخفض عدد هذه الساعات مع التقدم بالعمر، فتكون حاجة الأطفال للنوم أكبر من البالغين، كما تلعب الوراثة دورًا في تحديد هذه الحاجة. ولكن بشكلٍ عام يحتاج الشخص البالغ من 7 إلى 9 ساعاتٍ من النوم يوميًا.
الحرمان من النوم الصحي
يرتبط عدم الحصول على ساعاتٍ كافيةٍ من النوم بالعديد من المشاكل الصحية، فكلما زادت مدة البقاء بلا نوم زادت الآثار السلبية، ومن أهمها:
- اضطراباتٌ في الذاكرة ومشاكل في تذكر المعلومات ومعالجتها.
- عدم القدرة على التركيز والتفكير والتفاعل مع الآخرين.
- زيادة مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل داء السكري وأمراض القلب.
- صعوبة التحكم بالمشاعر.
- زيادة الوزن وصعوبة السيطرة عليه.
- ضعف الجهاز المناعي وتراجع القدرة على مقاومة العدوى.
- انخفاض الرغبة الجنسية الناتجة عن نقص مستويات هرمون التستوستيرون.
نصائح للحصول على القسط الكافٍ من النوم الصحي
للوصول إلى النوم الصحي يجب أن نتبع بعض الاستراتيجيات التي تساعد على الاستمتاع بنومٍ عميقٍ ومريحٍ لفترةٍ أطول، ومن أهمها:
اتباع روتين منتظم للنوم: إنّ الالتزام بساعةٍ محددةٍ للنوم يوميًا يُساعد في تأقلم الجسم والعقل مع النوم المنتظم، ويجب أن يشمل ذلك أيام نهاية الأسبوع والعطل.
التقليل من تناول المشروبات الغنية بالكافيين: إنّ تناول الكثير من القهوة والمنبهات الغنية بالكافيين يؤثر على نوعية النوم ويمنع الوصول إلى النوم العميق، ولا يقتصر ذلك على الفترة القصيرة قبل النوم، حيث يدوم أثرها عند تناولها بكثرة خلال النهار وتمنعك من النوم ليلًا. بناءً على ذلك، يُنصح بتجنبها منذ ساعات الظهيرة أو على الأقل التخفيف من تناولها قدر الإمكان.
تجنب المشروبات الكحولية: أيضًا المشروبات الكحولية يُمكن أن تؤثر على الدماغ وطبيعة النوم، لذلك يجب الامتناع عن تناولها مساءً، حتى لو تمتع الشخص بنومٍ متواصل طوال الليل، إلّا أنّ الاستيقاظ بعدها لن يكون مريحًا أبدًا.
تجنب استخدام الهواتف المحمولة قبل النوم: إن التعرّض للضوء الساطع الناتج عن مختلف الأجهزة الالكترونية قبل النوم يُمكن أن يحفز الدماغ ويؤثر على نوعية النوم، بناءً عليه يُنصح بتجنب استخدامها قبل النوم بساعةٍ على الأقل.
طرد الحيوانات الأليفة من غرف النوم: يحب الكثير من الناس تربية الحيوانات الأليفة ويدخلونها إلى غرف نومهم، وقد أثبتت الأبحاث أنّ هؤلاء الأشخاص يحصلون على ساعات نومٍ أقل من حاجتهم ويعانون من انخفاض جودة النوم، كما تزداد لديهم مخاطر الإصابة باضطرابات النوم.
فوائد النوم الصحي
إنّ الحصول على قسطٍ كافٍ من الراحة يمنحنا الكثير من الفوائد الجسدية والنفسية التي تساعد في تحسين جودة الحياة، وتشمل فوائد النوم الصحي مايلي:
زيادة القدرة على التركيز والانتاجية في العمل
النوم مهمٌ جدًا للدماغ كي يتمكن من أداء مهامه المختلفة، حيث يُساعد النوم الجيد في تحسين مهارات التعليم والتركيز، ويقوي الذاكرة لدى الأطفال والبالغين.
بينما يُشكل الحرمان من النوم خطرًا على مهارات الدماغ، ويقلل من الانتاجية في العمل والتعليم.
تحسين أعراض الاكتئاب
العديد من المشاكل النفسية مثل الاكتئاب ترتبط بشكلٍ وثيقٍ مع قلة النوم ونوعيته السيئة، بناءً على ذلك يُساعد النوم الصحي لمدةٍ كافيةٍ في الوقاية من الإصابة بالاضطرابات النفسية، كما يُحسن المزاج وأعراض الاكتئاب.
المحافظة على الوزن
تشير العديد من الأبحاث إلى وجود صلةٍ بين زيادة الوزن وقلة النوم (أقل من 7 ساعات في الليلة)، حيث تزداد مخاطر الإصابة بالبدانة ويرتفع مؤشر كتلة الجسم.
يعود السبب في ذلك إلى انخفاض النشاط لممارسة الرياضة مع بعض التغيرات الهرمونية التي تحدث نتيجة قلة النوم، حيث ينقص إفراز هرمون اللبتين المسؤول عن الإحساس بالشبع، ويزداد إفراز هرمون الجريلين المسؤول عن الإحساس بالجوع، مما يؤدي إلى زيادة تناول الطعام وزيادة الوزن.
كما أنّ الحرمان من النوم يزيد الرغبة في تناول الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون، التي تؤثر على الوزن بشكلٍ سيء.
تحسين الأداء الرياضي
أثبتت الدراسات أن الحصول على ساعات نومٍ كافيةٍ يساعد في المحافظة على قوة العضلات، ويزيد طاقتها لتحمل القيام بالتمارين والمهارات الحركية المختلفة، كما ترتبط قلة النوم بالخمول ونقص الإرادة للالتزام بممارسة الرياضة.
المحافظة على صحة القلب
أشارت الدراسات إلى أنّ الأشخاص الذين يحصلون على أقل من 7 ساعات نوم، تزداد لديهم مخاطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.
ومن الجدير بالذكر أنّ الإفراط في النوم (لدى البالغين) لأكثر من 9 ساعات في اليوم أيضًا؛ يُمكن أن يؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.
الوقاية من داء السكري
يؤدي الحرمان من النوم إلى زيادة مقاومة الأنسولين في الجسم، وبالتالي زيادة مخاطر الإصابة بداء السكري من النمط الثاني. كما ترتبط قلة النوم بزيادة هرمون الجوع والإصابة بالسمنة وأمراض القلب التي تُعد من عوامل الخطر للإصابة بداء السكري.
دعم الجهاز المناعي في الجسم
يحتاج الجهاز المناعي إلى النوم الصحي ليتمكن من أداء وظائفه في حماية الجسم من الإصابة بالعدوى. كما أشارت بعض الدراسات إلى أنّه يساعد في زيادة استجابة الجسم للقاحات الأنفلونزا، بالإضافة إلى زيادة فعالية لقاح COVID-19 إلّا أنّنا لا نزال بحاجة إلى المزيد من الأبحاث للتأكد من ذلك.
السيطرة على المشاعر والانفعالات
إنّ التعب المرافق لقلة النوم يؤثر بشكلٍ سلبي في القدرة على التحكم بالمشاعر والانفعالات العاطفية، بالإضافة إلى تأثيره السلبي على إمكانية التواصل مع الآخرين والمشاركة في المناسبات الاجتماعية. كما يُضعِف القدرة على حل المشاكل واتخاذ القرارات الصحيحة؛ لذلك فإنّ النوم الصحي يُشكل هدفًا رئيسيًا للتمتع بحياة عاطفية واجتماعية جيدة. بالرغم من اختلاف الأولويات في حياة كل شخص، إلّا أنّه من الضروري أن نمنح النوم مكانةً مهمةً في روتين حياتنا اليومي؛ لنتمكن من التمتع بحياة أكثر صحة وتوازن.