كان اكتشاف البنسلين في عام 1928 على يد العالم الاسكتلندي ألكسندر فلمنغ علامة فارقة في تاريخ الطب وأحد أبرز الاكتشافات العلمية في التاريخ. كانت المضادات الحيوية ولا تزال سلاحًا فعالًا لعلاج الأمراض الجرثومية والتغلب عليها وتُستخدم أيضًا في الوقاية من الأمراض المعدية، وبفضلها تم إنقاذ ملايين الأرواح في الماضي والحاضر.
ومع ذلك هناك العديد من الحالات التي تصبح فيها المضادات الحيوية غير فعالة، بل يمكن أن تسبب ضررًا للجسم بدلًا من الفائدة، خصوصًا إذا استُخدمت بشكل عشوائي دون إشراف طبي.
أنواع المضادات الحيوية وطرق إعطائها
يمكن تصنيف المضادات الحيوية وفق طرق عديدة، مثل: آلية وطريقة تأثيرها على الجراثيم، والموقع الذي تؤثر به المضادات الحيوية (جدار الخلية الجرثومية، نواة الجرثومة)، والبنية الكيميائية للمضاد الحيوي (الأمينوغليكوزيدات، ماكروليدات).
يمكن إعطاء المضادات الحيوية بطرق مختلفة من أهمها:
- أقراص أو كبسولات أو سائل: يمكن استخدامها لعلاج معظم أنواع العدوى الخفيفة إلى المتوسطة في الجسم.
- الكريمات والمستحضرات والبخاخات والقطرات: غالبًا ما تُستخدم لعلاج التهابات الجلد والتهابات العين أو الأذن.
- الحقن: يمكن إعطاؤها عن طريق الحقن مباشرة في الوريد أو العضلات، وتُستخدم عادة في حالات العدوى الأكثر خطورة.
قواعد أساسية لاستخدام المضادات الحيوية
يجب تناول المضادات الحيوية وفقًا لإرشادات الطبيب والصيدلي وتعليماتهما، والالتزام الدقيق بها، وإبلاغ الطبيب المشرف على الحالة في حال حدوث أي اختلاطات أو تأثيرات جانبية عند تناول الدواء، وعدم إيقاف الدواء أو تعديل جرعته بدون استشارة طبية. أما في حال نسيان تناول المضاد الحيوي في موعده المحدد، فيجب تناول هذه الجرعة بمجرد التذكر، ثم الاستمرار في تناول جرعة المضادات الحيوية حسب الجدول، ولكن إذا حان وقت الجرعة التالية، فيجب تجاوز الجرعة الفائتة ومتابعة جدول الجرعات المعتاد، ويُمنع أخذ جرعة مضاعفة لتعويض الجرعة المنسية. قبل استخدام المضادات الحيوية لا بد من الانتباه للقواعد والمعطيات التالية وعدم إهمالها على الإطلاق:
- وضع تشخيص دقيق من قبل طبيب مختص، والتأكد من وجود مرض جرثومي وليس فيروسي، إذ لا تفيد المضادات الحيوية في علاج الإصابات الفيروسية. تشمل قائمة أهم الأمراض التي تفيد المضادات الحيوية في علاجها: بعض التهابات الأذن والجيوب الأنفية، خراجات الأسنان، التهابات الجلد، التهاب السحايا الجرثومي، الالتهابات البولية، ذات الرئة الجرثومية.
- أن يكون هناك حاجة واضحة لتناول مضاد حيوي، فليست كل إصابة جرثومية بحاجة لأخذ المضاد الحيوي، ولا تُستخدم المضادات للوقاية لأن هذا الاستخدام قد يؤدي إلى ظهور تأثيرات جانبية غير مرغوبة، إن الطبيب المختص هو المخول بوصف هذه الأدوية لأنه يعرف سلبياتها وإيجابياتها ومتى يجب استخدامها.
- عادةً تُؤخذ المضادات الحيوية عن طريق الفم، يمكن للأطباء إعطاؤها عن طريق الحقن أو وضعها مباشرة على الجزء المصاب بالعدوى (علاج موضعي).
تبدأ معظم المضادات الحيوية في مكافحة العدوى في غضون ساعات قليلة، ولكن يجب إكمال الدواء الموصوف لمنع عودة العدوى أو نكسها، وقد أثبتت الدراسات أن إيقاف الدواء قبل انتهاء فترة العلاج المناسب يزيد من احتمال أن تصبح البكتيريا مقاومة للعلاجات المستقبلية. - لا يستحسن تناول بعض المضادات الحيوية مع أطعمة ومشروبات خاصة، ويجب أخذ بعض المضادات الحيوية الأخرى على معدة فارغة أي حوالي ساعة قبل الوجبة أو ساعة بعدها.
- يجب أيضًا تحديد نوع المضاد الحيوي المناسب للحالة، ويعتمد هذا الاختيار على عدة عوامل، مثل الحالة العامة للمريض: إذ يجب أخذ عدة نواحي بعين الاعتبار كالحمل، العمر، الحساسية، وظيفة الكبد والكلية، تناول أدوية أخرى. نوع الجرثوم: يوجد أنواع عديدة للجراثيم، وبعد تحديد نوع الجرثوم يصف الطبيب المضاد الحيوي المناسب له. مكان الإنتان: فمكان تواجد الإنتان مهم أيضًا في اختيار المضاد الحيوي المناسب للحالة.
اقرأ أيضًا: كل ما تحتاج معرفته عن الجهاز المناعي وكيف تحافظ عليه قويًا
إيجابيات المضادات الحيوية وفوائدها
تتميز المضادات الحيوية بمجموعة من الخصائص والميزات التي تجعل منها مجموعةً من أهم الأدوية وأكثرها فعالية، ومن أهم هذه الميزات:
- فعالية كبيرة على الجراثيم: يمكن أن تعالج العديد من أنواع العدوى والأمراض التي تتراوح من البسيطة إلى المعقدة.
- تكلفة منخفضة نسبيًا: ما يجعلها علاجًا شائعًا ومتاحًا للأفراد من جميع الشرائح الاقتصادية والاجتماعية.
- تقي من الجراحة في كثير من الحالات: تساعد المضادات الحيوية في علاج العديد من المشاكل الخطيرة وتمنع تطورها، ما يساعد في تجنب الجراحة.
- عامل ضروري في العمليات الجراحية: تُستخدم أدوات مختلفة أثناء الجراحة، وتُجرى شقوق عديدة ما يزيد من احتمال الإصابة بالعدوى. تساعد المضادات الحيوية في تقليل فرص الإصابة بالعدوى أثناء وبعد العمليات الجراحية.
- تمنع تطور الأمراض: يساعد تناول المضادات الحيوية المناسبة في تقليل احتمالية تطور الأمراض المعدية، فمثلًا يمكنها تقليل احتمال تطور نزلات البرد العادية إلى ذات رئة عن طريق تناول مضاد حيوي مناسب تحت إشراف طبي.
سلبيات ومخاطر المضادات الحيوية
مثلها مثل جميع الأدوية الأخرى، للمضادات الحيوية تأثيرات جانبية ومخاطر عديدة خصوصًا إذا استخدمت بشكل عشوائي ودون إشراف طبي، ومن أهمها:
- تطوير مقاومة: تتمثل المشكلة الرئيسية للمضادات الحيوية اليوم بالإفراط في استخدامها بشكل عشوائي ودون استطباب طبي صريح، إذ يمكن للجراثيم تطوير مقاومة ضد هذه المضادات الحيوية عند استخدامها بشكل عشوائي دون إشراف طبي، وعند تطوير الجراثيم للمقاومة، يمكن أن تؤدي إلى مشاكل خطيرة في المستقبل.
- ردود فعل تحسسية: هذا أيضًا عيب رئيسي لاستخدام المضادات الحيوية، وعلى الرغم من أن معظم ردود الفعل التحسسية عادة ما تكون خفيفة، إلا أنها قد تصبح شديدة في بعض الحالات، وقد تكون مهددة للحياة أحيانًا، لذلك يُنصح بإجراء اختبار تحسس قبل إعطاء أي مضاد حيوي قد يسبب التحسس (مثل البنسلينات). تشمل ردود الفعل التحسسية الخفيفة الغثيان والحمى والطفح الجلدي وتورم اللسان والوجه وصعوبة في التنفس، ولكن في الحالات الشديدة قد تسبب صدمة تأقية خطيرة. وقد تكون ردود الفعل التحسسية فورية أو متأخرة. يجب على أي شخص لديه رد فعل تحسسي سابق تجاه مضاد حيوي أن يخبر الطبيب أو الصيدلي.
- إسهال وألم بطني: تسبب العديد من المضادات الحيوية الإسهال. يحدث هذا بسبب التغيرات في تكوين أنواع الميكروبات الموجودة في الأمعاء، إذ أنها قد تزيد كمية الجراثيم الضارة مثل المطثية العسيرة التي تؤدي إلى إسهال خطير.
- التداخل مع حبوب منع الحمل: أظهرت بعض الدراسات أن المضادات الحيوية قد تتداخل مع عمل حبوب منع الحمل وتقلل من فعاليتها، ما يؤدي إلى فشل وظيفة حبوب منع الحمل، مع ذلك أشارت العديد من الدراسات إلى أن هذا الاحتمال يبلغ حوالي 1% فقط، وعلى كل حال يجب استشارة الطبيب المختص قبل البدء بتناول هذه الأدوية.
إن تناول المضادات الحيوية لعلاج الأمراض المعدية له العديد من المزايا والعيوب، ومن الضروري وضع كلا الأمرين في الاعتبار قبل البدء بتناولها. يوصى دائمًا باستشارة الطبيب المختص قبل تناول أي مضادات حيوية وتحديد العلاج الأفضل لكل حالة مرضية والالتزام بنوع الدواء ومدته وجرعته بدقة.