يُعد الصداع واحدًا من الحالات الطبية الشائعة جدًا، والتي غالبًا ما يُعاني منها كل إنسانٍ في إحدى مراحل حياته. يكون الصداع على شكل ألمٍ في الرأس يتركز في نقطةٍ معينةٍ أو على جانبي الرأس أو في إحدى نصفي الرأس، وفي بعض الحالات يُمكن أن يكون مُزعجًا لدرجة أن يؤثر على نمط حياة الفرد وقدرته على أداء الأعمال الروتينية.

جميعنا مُعرضون لخوض تجربة نوبات الصداع التي يُمكن أن تكون متفاوتة الشدة، لذلك من الضروري التمييز بين أنواع الصداع ومعرفة الحالات التي تستدعي استشارة الطبيب، مما يُساعد على التعامل مع الصداع بطريقةٍ صحيةٍ. وبشكلٍ عام ينقسم الصداع إلى أولي وثانوي وفيما يلي نتعرف على أنواع كلٍ منهما:

الصداع الأولي

يكون الألم في الرأس هو الحالة المرضية بحد ذاتها، أي لا ينتج الصداع عن وجود مرضٍ معينٍ أو حساسيةٍ.

يُمكن أن يكون الصداع الأولي عرضي يتكرر بين الحين والآخر أو كل فترةٍ طويلةٍ ويستمر في كل مرّة من نصف ساعة إلى عدة ساعات، أو يكون مزمنًا وأكثر تكرارًا حيثُ يشتكي المريض من الصداع في معظم الأيام ويستمر أحيانًا لعدة أيامٍ متتالية، وبهذه الحالة يحتاج إلى وضع خطة علاجٍ للتحكم بالصداع.

يضم الصداع الأولي عدة أنواع تشمل مايلي:

  • الصداع التوتري

من أنواع الصداع الأكثر انتشارًا وبشكلٍ خاص لدى النساء، وهو مُرافقٌ لحالات التوتر الشديد والإرهاق. تتراوح شدة الألم من الخفيف إلى المتوسط ويُشبه الإحساس بوجود رباطٍ يضغط على كلا جانبي الرأس، غير نابض ويُمكن أن يترافق مع تصلب الرقبة والكتفين.

يتم علاج الصداع التوتري العرضي باستخدام مسكنات الألم التي لا تحتاج وصفةً طبيةً مثل الباراسيتامول والإيبوبروفين والأسبرين، ولكن عندما يُصبح الصداع مزمنًا ولا يستجيب لهذه الأدوية يجب استشارة الطبيب للحصول على العلاج المُناسب.

  • الصداع العنقودي

يتميز الصداع العنقودي بالألم الشديد والحارق، الذي يتمركز كل مرةٍ في إحدى جوانب الوجه أو حول العين، يحدث الصداع على شكل سلسلةٍ من النوبات وتستمر كل نوبةٍ لمدةٍ تتراوح بين 15 دقيقة إلى ثلاث ساعات، ويُمكن أن تتكرر عدة مراتٍ في اليوم.

نسبة حدوث الصداع العنقودي لدى الرجال أكثر بثلاث مرّاتٍ من النساء، كما يزداد احتمال التعرّض للنوبات في فصلي الربيع والخريف.

حتى الآن لم يجد الأطباء السبب الرئيسي للصداع العنقودي، ولكن هناك بعض الطرق الفعّالة في معالجته والتي تتضمن العلاج بالأوكسجين وبعض أنواع الأدوية مثل السوماتريبتان، كما يُمكن أن يشمل العلاج خطة وقايةٍ يُحددها الطبيب للمساعدة على تخفيف تكرار النوبات يُمكن أن تتضمن الكورتيكوستيرويدات (مثل الكورتيزول) والميلاتونين وحاصرات الكالسيوم.

  • الصداع النصفي

يتميز الألم في الصداع النصفي (المعروف بالشقيقة) بكونه نابضًا ويُصيب إحدى جوانب الرأس، يُمكن أن يستمر الشعور بالألم لعدة أيامٍ وبالتالي يؤثر سلبيًا على أداء الأعمال اليومية، كما يُعاني المريض في هذه الحالة من حساسيةٍ للأضواء والأصوات العالية التي تزيد من  سوء الحالة، بالإضافة إلى الإقياء والغثيان في بعض الأحيان.

كما يُعاني بعض المرضى من مجموعة أعراضٍ تسبق نوبة الشقيقة تتمثل في:

  • اضطرابات بصرية مثل رؤية أضواءٍ ساطعةٍ على شكل ومضاتٍ أو نقاط عمياء.
  • الشعور بوخزٍ في إحدى جانبي الوجه.
  • مشاكل في النطق.

يُمكن أن ترتبط الشقيقة بعوامل وراثيةٍ أو بأمراض عصبيةٍ أخرى، وتكون النساء أكثر تعرضًا للإصابة من الرجال بثلاث مرات.

يوجد عدة عوامل تزيد من احتمال الإصابة بالشقيقة منها اضطرابات النوم والتعرض لصدمةٍ والتغيرات الهرمونية (اقتراب وقت الطمث مثلًا) وبعض أنواع الأطعمة (مثل الشوكولا والمكسرات والكحول) أو المواد الكيميائية.

يعتمد العلاج عادةً على مسكنات الألم التي لا تحتاج وصفةً طبيةً، ولكن في حال عدم فعاليتها يلجأ الطبيب إلى وصف عقاقير التريبتان التي تعمل على تحسين الحالة وتخفيف الألم.

في حال استمرار الصداع النصفي لمدة 4 أيامٍ في الشهر أو أكثر، يجب استشارة الطبيب للبدء في استخدام أدويةٍ وقائيةٍ تُساعد في تحسين الحالة الصحية للمريض مثل:

  • مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة (الأميتريبتيلين).
  • حاصرات بيتا (بروبرانولول أو ميتوبرولول).
  • مضادات التشنج (توبرامات).

الصداع الثانوي

يكون الصداع الثانوي أحد الأعراض الدالة على وجود مرضٍ آخر، وعادةً ما يتحسن عند معالجة السبب الرئيسي، وأكثر أنواعه شيوعًا:

  • صداع الجيوب الأنفية

يُصيب بشكلٍ خاص الأشخاص الذين يُعانون من التهاب الجيوب أو الحساسية الموسمية، ويتركز الألم في مقدمة الرأس وحول منطقة الجيوب.

يتم العلاج من خلال استخدام البخاخات الأنفية التي تُساعد على تخفيف المُخاط الذي يضغط على الجيوب، مثل الستيروئيدات ومضادات الاحتقان ومضادات الهيستامين (مضادات الحساسية)، أما في حال وجود التهاب جيوب فقد يصف الطبيب صادات حيوية لعلاج المرض وتخفيف الأعراض.

  • صداع الكافيين

يُمكن أن يكون الإفراط في تناول الكافيين من مسببات الصداع، كما أنّ دماغ الإنسان عندما يعتاد على التعرّض لكميةٍ محددةٍ من الكافيين يوميًا ويتم الانقطاع عنه بشكلٍ مُفاجئٍ يُمكن أن يحدث الصداع، يعود السبب في ذلك إلى تأثير الكافيين على كيمياء الدماغ وإحداث تغييراتٍ فيها.

بناءً على ذلك ينصح الأطباء بالاعتدال في تناول الكافيين بشكلٍ منتظمٍ وثابت، أو الامتناع عنه تمامًا للوقاية من الإصابة بالصداع.

  • الصداع الناتج عن ارتفاع ضغط الدم

إنّ الارتفاع الكبير في ضغط الدم يُسبب صداعًا نابضًا، غالبًا ما يترافق مع الإحساس بالتنميل أو اضطراباتٍ في الرؤية أو الرعاف (نزيف الأنف) أو ألمٍ في الصدر وضيق التنفس.

تُعد هذه الأعراض خطيرةً وتستدعي زيارة الطبيب مباشرةً، كما يزول الصداع بعد أيامٍ قليلةٍ من البدء بعلاج ارتفاع الضغط ولا يتكرر طالما كانت مستويات الضغط تحت السيطرة.

  • الصداع الارتدادي

هو الصداع الناتج عن فرط استخدام الأدوية، يحدث هذا النوع نتيجة زيادة تناول الأدوية المُسكنة للألم التي تُستخدم عادةً في علاج الصداع، وبشكلٍ خاص الأدوية الحاوية على الكافيين، حيثُ يؤدي الإفراط في تناولها لمدة 15 يومًا في الشهر إلى الإصابة بالصداع الارتدادي.

العلاج في هذه الحالات بسيطٌ ويعتمد فقط على إيقاف تناول هذه الأدوية، وبالرغم من ذلك خلال الأيام القليلة الأولى سيكون المريض مجبرًا على تحمل الألم ريثما يتم السيطرة على الصداع.

  • الصداع الناتج عن التعرض لحادث

يحدث هذا النوع بعد التعرّض لأي صدمةٍ على الرأس، ويُمكن أن تتراوح شدة الألم من الخفيفة إلى الشديدة ويستمر حوالي 6-12 شهرًا وذلك تبعًا لنوع الإصابة.

هذه الحالات تحتاج إلى استشارة الطبيب وإجراء الفحوص اللازمة للحصول على العلاج المُناسب، الذي يُمكن أن يتضمن مركبات التريبتانات أو حاصرات بيتا.

متى يتطلب الصداع زيارة الطبيب؟

غالبًا ما يزول الصداع في غضون 48 ساعةً أو باستخدام بعض مسكنات الألم، ولكن يوجد بعض الحالات التي تستدعي استشارة الطبيب ومنها:

  • الصداع غير المستجيب للمسكنات.
  • استمرار الألم لأكثر من أسبوعين.
  • الصداع عند الأطفال بعمرٍ أصغر من 12 سنة.
  • وجود أعراضٍ عصبيةٍ أو إقياء وغثيان عند شخصٍ غير مُصابٍ بالشقيقة.
  • صداعٌ متطورٌ للأسوأ.
  • ألمٌ شديدٌ وحديثٌ عند كبار السن (فوق 50 سنة).

كما أنّه من الضروري أن نُقدم للطبيب معلوماتٍ كافيةً عن عدد مرات تكرار الصداع ومكان الألم في الرأس وشدته، بالإضافة إلى طول مدة النوبة وأسباب تحريضها إن وُجدت، كل ذلك يُمكن أن يُساعد في وضع التشخيص الصحيح وإعطاء العلاج المُناسب.

التعليقات معطلة.