تتعلق الصحة النفسية بالصحة العقلية والعاطفية والاجتماعية، وتؤثر بشكلٍ مُباشرٍ على التفكير وطبيعة المشاعر وأساليب معالجة مختلف المواقف في الحياة اليومية، كما أنّها تلعب دورًا كبيرًا في تحديد طريقة التواصل مع الآخرين واتخاذ القرارات الحاسمة، وكيفية التعامل مع حالات القلق والتوتر، بالإضافة إلى وجود علاقةٍ تربط بين الصحة النفسية والصحة الجسدية.

بناءً على ذلك فإنّه من الضروري أن يهتم الإنسان بصحته النفسية بدءًا من مراحل الطفولة والمراهقة وحتى عمر الشيخوخة، وتكمن أهمية الصحة النفسية في كونها تُساعد في:

  • مواجهة ضغوطات الحياة بطريقةٍ صحيحةٍ.
  • إنشاء علاقاتٍ جيدةٍ مع الآخرين.
  • تحسين الإنتاجية في العمل.
  • إدراك الشخص لقدراته وتحسينها.
  • كما أنّ الحالة النفسية يُمكن أن تؤثر على صحة الجسم وتُسبب أمراضًا وآلامًا مختلفة.

تحسين الصحة النفسية

يوجد بعض الخطوات التي يُمكن أن تُساعدك في المحافظة على صحتك النفسية وتحسينها ومن بينها:

  1. الموازنة بين المشاعر

من المهم أن يتحلى الإنسان بنظرةٍ إيجابيةٍ للأشياء التي تدور حوله، ولكن هذا لا يعني أننا لن نشعر بالحزن أو الغضب أو الانزعاج في المواقف التي تتطلب ذلك، بل على العكس تمامًا فإنّ هذه المشاعر تُساعد في تجاوز المواقف بسرعةٍ أكبر، لذلك يكون الحل دومًا بالموازنة بين المشاعر الإيجابية والسلبية، وعدم السماح بسيطرة المشاعر السلبية لفترةٍ طويلةٍ.

  1. التمسك بالمشاعر والأفكار الإيجابية

التركيز على الأفكار الإيجابية يُساهم في تحسين الصحة النفسية، كما أن الابتعاد عن أي مصدرٍ للمعلومات السلبية، والتوقف عن مشاهدة أو قراءة الأخبار  يمكن أن يساعد في تحقيق ذلك.

  1. الشعور بالامتنان

أي أن تكون مُدركًا لكل شيءٍ جميلٍ في الحياة مهما كان صغيرًا، وأن تكون ممتنًا لذلك. من المفيد أن تقوم بتدوين الأشياء الإيجابية التي تُشعرك بالإمتنان في دفترٍ صغيرٍ يوميًا، أو على الأقل تَذكر هذه الأشياء عند نهاية كل يومٍ حتى لو كانت مجرد لقاءٍ مع الأصدقاء أو ملاحظةٍ جيدةٍ سمعتها أو وجبةٍ لذيذةٍ استمتعت بمذاقها.

يُساعد ذلك في تحسين نظرتك للحياة، خصوصًا في أوقات التوتر التي يصعب فيها رؤية الأشياء الإيجابية.

  1. النشاط الجسدي وممارسة الرياضة

تُساعد ممارسة الرياضة بشكلٍ منتظمٍ في تخفيف شدة التوتر وتقليل مشاعر الاكتئاب، بالإضافة إلى تحسين المزاج بشكلٍ عام، ويُنصح بممارسة أي نشاطٍ رياضي لمدة 30 دقيقةً في اليوم مثل المشي في الهواء الطلق.

  1. النوم والراحة

إنّ عدم الحصول على ساعات نومٍ كافيةٍ يُمكن أن يكون سببًا في الشعور بالانزعاج والمزاج السيئ، كما يجعل الشخص أكثر عصبيةً وتوترًا، ويُمكن أن يتطور ذلك على المدى الطويل إلى الإصابة بالاكتئاب، لذلك من الضروري أن تنال قسطًا كافيًا من النوم يوميًا من أجل صحتك النفسية والجسدية.

  1. النظام الغذائي الصحي

إنّ فوائد اتباع نظامٍ غذائيٍ متوازنٍ وصحيٍ لا تقتصر على الصحة الجسدية فقط، بل يُمكن أن يلعب الغذاء دورًا مهمًا في تحسين الصحة النفسية، حيثُ أنّ نقص بعض الفيتامينات والعناصر الغذائية يؤثر على المزاج، مثل فيتامين B12 الذي يرتبط انخفاض مستوياته في الجسم بالإصابة بالاكتئاب.

  1. إنشاء علاقات اجتماعية جيدة

إنّ البشر بطبيعتهم مخلوقاتٌ اجتماعيةٌ ويُحبون التواصل مع بعضهم، فالتواجد مع العائلة والأصدقاء يُمكن أن يُساعدك في تخفيف التوتر خصوصًا عندما تُجالس أشخاصًا يتمتعون بنظرةٍ إيجابيةٍ ومتفائلةٍ، بالإضافة إلى إنشاء علاقاتٍ أخرى مع المجتمع مثل الانضمام إلى مجموعات رعاية الهواة أو الانخراط في الأعمال التطوعية التي تمنحك دعمًا وطاقةً كبيرةً.

  1. ممارسة التأمل

هو تدريبٌ للعقل والجسم يُساعد في تحسين القدرة على التركيز والانتباه، ويوجد عدة أنواعٍ للتأمل مثل اليقظة الذهنية والتأمل التجاوزي، وبشكلٍ عام يحتاج التأمل إلى:

  • الجلوس في مكانٍ هادئٍ بعيدًا عن أي مصدرٍ يُسبب التشتت أو الانزعاج.
  • اختيار الوضعية المُناسبة والمريحة، والتي يُمكن أن تكون بالجلوس أو الاستلقاء أو المشي أو أي وضعيةٍ تؤمن الراحة والهدوء للشخص.
  • محاولة التركيز على شيءٍ معينٍ مثل كلمةٍ أو موضوعٍ ما أو التنفس.
  1. تجربة تقنيات الاسترخاء

تطبيق تقنيات الاسترخاء التي تُساعد في تأمين الراحة للجسم و إبطاء التنفس وتنظيم ضربات القلب وخفض ضغط الدم، وبالتالي السيطرة على الاضطرابات النفسية مثل حالات التوتر والقلق، ومن ضمن هذه التقنيات:

  • الاسترخاء التدريجي من خلال شد عضلات الجسم المختلفة وارتخائها، ويتم ذلك أحيانًا مع استخدام التخيل العقلي أو ممارسة تمارين التنفس.
  • التصوّر الموجّه الذي يهدف إلى التركيز على صورةٍ إيجابيةٍ وتخيُلها في عقلك، مما يُساعدك في تحسين التركيز وزيادة الاسترخاء.
  • التنويم المغناطيسي الذاتي يهدف إلى وضع الشخص في حالة استرخاءٍ تامّةٍ تُشبه الغفوة، وذلك عند سماع ملاحظةٍ معينةٍ أو مشاهدة إشارةٍ ما.
  • تمارين التنفس العميق أيضًا تُساعد على زيادة الاسترخاء من خلال التركيز على أخذ أنفاسٍ بطيئةٍ ومتساوية الطول وعميقة.

العوامل المؤثرة على الصحة النفسية

يوجد عددٌ من العوامل المختلفة التي يُمكن أن تؤثر بشكلٍ مباشرٍ على صحتك النفسية ومن بينها:

  • عوامل بيولوجية مثل خلل الجينات أو الكيمياء العصبية.
  • تجارب الحياة مثل المرور بصدمةٍ نفسيةٍ قاسيةٍ أو التعرض لسوء المعاملة من الآخرين.
  • عوامل وراثيةٌ ووجود تاريخ عائلي للأمراض النفسية.
  • نمط الحياة الذي يتضمن النظام الغذائي والنشاط الرياضي السيء والمواد المُستخدمة كالأدوية التي يُمكن أن يكون لبعضها تأثير نفسي.

العلامات التي تُساعد في اكتشاف الاضطرابات النفسية

تكمن صعوبة تشخيص الاضطرابات النفسية في كونها تتعلق بالمشاعر والأحاسيس، لذلك نحتاج إلى طبيبٍ مختصٍ ليُساعدنا في التشخيص والعلاج، إلّا أنّه يوجد بعض العلامات التي يُمكن أن تدل على سوء الحالة النفسية مثل:

  • حدوث تغيراتٍ في الروتين اليومي لتناول الطعام والنوم.
  • الابتعاد عن الأشخاص الذين تستمتع معهم، وترك الأنشطة الترفيهية التي تُمارسها.
  • انخفاض طاقة الجسم.
  • عدم الشعور بأهمية أي شيء.
  • الشعور بالألم دون وجود سببٍ أو مرضٍ.
  • الإحساس باليأس والعجز.
  • زيادة التدخين أو شرب الكحول أو اللجوء إلى تعاطي المخدرات.
  • التقلبات المزاجية التي تؤثر على علاقاتك مع الآخرين.
  • التفكير السلبي بأشياء مزعجةٍ وعدم القدرة على نسيانها.
  • تخيُّل الأصوات والأحداث غير الموجودة وتصديقها.
  • التفكير بأذية الآخرين أو نفسك (الميول إلى الانتحار مثلًا).
  • التراجع في القدرة على أداء المهمات اليومية الروتينية.

على أي حال، تُعد مراجعة الطبيب الاختصاصي بالصحة النفسية من الأشياء الضرورية التي يجب على كل شخصٍ أن يقوم بها عند الإحساس بالتوتر أو بأي اضطراب نفسي، وكلما كان اللجوء إلى الطبيب مُبكرًا كلما كان العلاج أسهل وأسرع، بالإضافة إلى أنّ اتباع النصائح المذكورة سابقًا يُمكن أن يُساهم كثيرًا في تحسين الصحة النفسية.

لا تعليق

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.