لا يمكن فصل صحة الفم والأسنان عن الصحة العامة للجسم، إذ يُسبب إهمال الاعتناء بنظافة الفم والأسنان نخر الأسنان وأمراض اللثة التي تصيب نحو 60 – 90% من الأطفال حول العالم حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، ترتبط أمراض الفم والأسنان مع أمراض القلب والأوعية والسرطان وداء السكري، وسنستعرض في هذا المقال أهم أمراض الفم والأسنان، أسبابها، وأعراضها، وكيفية الحفاظ على صحة اللثة والفم والأسنان.
أشيع أمراض الفم والأسنان
تتنوع أمراض الفم والأسنان وتتعدد أسبابها، ومن أشيع هذه الأمراض:
- نخر الأسنان: يحتوي جوف الفم على الكثير من الكائنات الحية الدقيقة من جراثيم وفيروسات وفطور. تعيش بعض هذه الكائنات في جوف الفم بأعداد قليلة وبصورة طبيعية وتسمى فلورا الفم، لكن تناول الأغذية الغنية بالسكريات، وإهمال تنظيف الفم والأسنان بانتظام يحفز الجراثيم على التكاثر. تستخدم الجراثيم السكر غذاءً لها وتحوله إلى مركبات حمضية تسبب انحلالًا في ميناء الأسنان، وهي الطبقة السطحية اللامعة التي تحمي الأسنان من النخر. يعتبر نخر الأسنان من أكثر المشاكل الصحية شيوعًا على الإطلاق، ويرتبط بالعديد من الأمراض التي تؤثر على الجهاز الهضمي والتنفسي، ولذلك ينصح الأطباء بعلاجها مبكرًا لمنع تطور أي اختلاطات أو تأثيرات على بقية أعضاء الجسم.
- التهاب اللثة: يؤدي تراكم الجراثيم الفموية وبقايا الأطعمة على حواف اللثة لتشكل ما يُعرف بالصفيحات. تتصلب هذه الصفيحات وتزداد سماكتها ولزوجتها عند إهمال العناية بصحة الفم والأسنان، ويمكن مع مرور الوقت أن تسبب التهابًا مزمنًا في اللثة، يظهر على شكل تورم واحمرار شديد، بالإضافة إلى نزف من اللثة عند تنظيف الأسنان، وإصابة الأسنان بالضعف والهشاشة.
- التهاب جذر السن: تتطور هذه الحالة عند إهمال التهاب اللثة وعدم علاجها بطريقة صحيحة، فيمتد الالتهاب إلى الفك السفلي والعظم، وقد يسبب حالة التهابية مُعممة في كامل الجسم.
- انكسار الأسنان وتشققها: يحدث انكسار الأسنان نتيجة التعرض لأذية راضة على الفم، أو مضغ الأطعمة الصلبة القاسية، أو إهمال نخور الأسنان حتى تتفاقم وهي السبب الأشيع لكسور الأسنان، وفي حال حدوث كسور في الأسنان لا بد من إجراء علاج جراحي.
- تراجع اللثة: قد يحدث تراجع اللثة نتيجة العديد من الأسباب، مثل: تنظيف الأسنان بقوة وعنف، والتدخين، وتراكم اللويحات الالتهابية، فتتراجع اللثة ويتقلص حجمها، وتنكشف قاعدة الأسنان وجذورها، وتصبح أكثر حساسية لتغيرات الحرارة والالتهابات، ويزداد أيضًا خطر التهاب اللثة وتشكل الخراجات.
- سرطان الفم: يمكن أن يصيب سرطان الفم أي جزء من جوف الفم من قاعدة الفم، واللسان، واللثة، والشفتين، وباطن الخد، والحنك. يعد التدخين السبب الرئيسي لسرطان الفم، وغالبًا ما يكون طبيب الأسنان أول الأطباء الذين يكشفون وجود سرطان الفم عند المريض. يمكن علاج أورام الفم الخبيثة بالطرق الجراحية أو بالعلاج الكيميائي والشعاعي.
تجدر الإشارة إلى أن أمراض الفم والأسنان تزيد من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض والحالات الطبية في الجسم، من أهمها أمراض القلب، مثل: التهاب شغاف القلب، والتهاب صمامات القلب الصناعية بجراثيم المكورات العنقودية البشروية، والالتهاب الرئوي، وتؤثر على الأم الحامل وجنينها، إذ يمكن أن تدخل الجراثيم الموجودة في الفم مجرى الدم عبر جروحٍ في اللثة، ومن ثم تصل إلى القلب، أو الرحم، وتسبب حالة التهابية في مكان تموضعها، أو قد تنتقل عبر الطريق التنفسي من الفم إلى الرئتين وتسبب التهابًا رئويًا.
أسباب أمراض الفم والأسنان والعوامل المؤهبة لها
تساهم الكثير من العوامل والحالات المرضية في تدهور صحة الفم والأسنان، ومن أهمها:
- التدخين، الذي يزيد من خطر سرطان الشفتين، واللسان، وباطن الفم، ويضعف من قوة الأسنان ويغير من لونها.
- إهمال تنظيف الأسنان أو تنظيفها بشكل شيء.
- الإفراط بتناول الأغذية السكرية أو الحمضية.
- داء السكري، الذي يضعف من قدرة الجسم على مكافحة العدوى بالجراثيم والفيروسات.
- تناول الأدوية التي تنقص إفراز اللعاب في الفم، ما يوفر بيئة مناسبة لتكاثر الجراثيم.
- العدوى الفيروسية مثل فيروس الحلأ، وفيروس نقص المناعة المكتسب.
- التغيرات الهرمونية عند النساء، إذ يزيد هرمون الإستروجين والبروجسترون من تدفق الدم إلى اللثة، ويزيد من خطر تطور التهاب اللثة.
- الارتجاع الحمضي والإقياء، الذي يعرّض ميناء الأسنان لحمض المعدة، ويسبب انحلالها ويضعف من قوة الأسنان.
أعراض وعلامات أمراض الفم والأسنان
يحتوي جوف الفم على العديد من الأعضاء والأنسجة، وتختلف أعراض وعلامات أمراض الفم والأسنان حسب الجزء المصاب، ويجب زيارة طبيب الأسنان مباشرة عند ظهور أي من هذه الأعراض:
- ظهور تقرحات أو مناطق قاسية حاكة في جوف الفم تستمر أكثر من أسبوع. تشير هذه الحالة إلى احتمال وجود إصابة فيروسية أو ورم.
- نزيف من اللثة أو وذمة بعد تنظيفها، ما يشير إلى وجود التهاب حاد في اللثة.
- رائحة فم كريهة مزمنة لا تزول بغسيل الفم، قد تشير إلى إصابة فطرية أو جرثومية في جوف الفم.
- حساسية مؤلمة تجاه المشروبات والأطعمة الساخنة والباردة ناجمة عن تنخر في الأسنان وضعفها.
- الإحساس بألم في مستمر في الأسنان.
- تشققات الأسنان أو كسورها.
- تراجع اللثة.
- ألم شديد في الأسنان عند تناول الطعام أو مضغه.
- جفاف مزمن في الفم بسبب نقص إفراز اللعاب.
نصائح وتوصيات هامة للحفاظ على صحة الفم والأسنان
من أهم النصائح للحفاظ على صحة الفم والأسنان هي التنظيف الصحيح للأسنان باستخدام معجون أسنان مفلور مرتين على الأقل يوميًا وخاصة قبل الذهاب إلى النوم، ومن النصائح الأخرى التي يجب التقيد بها:
- نظف أسنانك باستخدام الخيط مرة واحدة يوميًا على الأقل لتزيل بقايا الطعام واللويحات الجرثومية.
- قلل من تناول الأغذية السكرية والحمضيات التي تؤذي صحة الأسنان والميناء وتزيد نمو الجراثيم، وفي المقابل يجب زيادة الأطعمة الصحية مثل الفاكهة والخضراوات الغنية بالفيتامينات الضرورية لصحة الأسنان واللثة وخاصة فيتامين C.
- تجنب التدخين، لأنه يزيد من خطر إصابتك بسرطان الفم والشفاه واللثة ويؤذي الأسنان.
- اشرب المياه المفلورة التي تساعد على القضاء على الجراثيم الفموية، وتدعم صحة الأسنان.
- تجنب تناول الأطعمة الساخنة جدًا أو الباردة جدًا، أو تعريض الأسنان لتغيرات مفاجئة في الحرارة.
- قم بزيارة طبيب الأسنان مرتين على الأقل سنويًا للكشف على صحة أسنانك ومعالجة النخور السنية الباكرة قبل تطورها.
يمتد تأثير صحة الفم والأسنان إلى أبعد من جوف الفم ومكوناته، ليشمل أعضاء الجسم المتنوعة من القلب والرئتين، وحتى الجنين في مرحلة التطور والنمو. تؤثر صحة الفم والأسنان أيضًا على الحالة النفسية والمزاجية للشخص المصاب، وتؤثر على قدرته الإنتاجية في العمل، لذا من المهم الحفاظ على صحة جيدة للفم والأسنان من خلال تطبيق النصائح والتوصيات السابقة.