إن الجسم البشري آلة في غاية التعقيد، تعمل فيه أعضاء متعددة كالكبد والقلب والدماغ والكليتين بشكل متكامل لإنجاز وظائف متنوعة وضرورية من أجل الحفاظ على صحة جيدة ونظام حيوي فعال. يعمل العلماء باستمرار على دراسة الجسم البشري ومحاولة فهم آلية عمله، ويكتشفون الكثير من الأسرار المثيرة للتعجب والدهشة والتي كانت مجهولة لآلاف السنين. سنستعرض في هذا المقال مجموعة معلومات صحية متنوعة وحقائق ممتعة وغريبة حول الجسم البشري.
يبقى الدماغ حيًّا لمدة 5 دقائق بعد توقف القلب
يؤدي توقف القلب عن العمل إلى توقف تدفق الدم ضمن الشرايين والأوردة، ما يعني عدم وصول الأوكسجين والطاقة إلى الأعضاء الأخرى في الجسم. تسمى هذه الحالة بالموت السريري Clinical Death، لكن بعض الأعضاء تستمر بالحياة لفترات مختلفة بعد توقف القلب، ولا تحدث الوفاة مباشرة في كامل الجسد بمجرد توقف عمل القلب. كشفت دراسة أجراها باحثون أمريكيون أن الدماغ يبقى حيًّا لمدة تصل حتى 5 دقائق بعد توقف القلب. يستخدم الأطباء والمُسعفون هذه الفترة القصيرة لمحاولة إنقاذ حياة المريض وإعادة قلبه إلى الحياة من خلال الإنعاش القلبي الرئوي، ويجب أن يتم ذلك بسرعة وفعالية باستخدام الطرق والأدوية المناسبة، لأن حرمان الدماغ من الأوكسجين خطير للغاية، لما يسببه من أذية غير عكوسة في الخلايا العصبية تنتهي بموتها.
يحمي الجنين والدته من الأذية في أثناء الحمل
تقدم الأم للجنين أثناء فترة الحمل جميع الظروف المطلوبة للحياة والنمو من الغذاء والأوكسجين والحماية من الأمراض والتخلص من الفضلات حتى يتطور بشكل طبيعي. كشفت دراسة حديثة أن الجنين داخل الرحم يقدم للأم أيضًا بعضًا من خلاياه الجنينية (خلايا جذعية قابلة للانقسام والتجدد). تهاجر هذه الخلايا عبر المشيمة إلى جسد الأم، وتتركز في مواضع مختلفة من العضلات، والكبد، والرئتين، والقلب وحتى الدماغ. تتميز الخلايا الجنينية بكونها خلايا جذعية، لم تتمايز بعد إلى نوع معين من الخلايا. يمكن أن تساهم خلايا الجنين الجذعية المهاجرة في مساعدة الأم على الشفاء من أي أذية تتعرض لها عبر التمايز إلى النوع المطلوب من الخلايا وإصلاح الخلل، لا تزال آلية عمل هذه الخلايا وطريقة توجهها نحو المنطقة المتأذية غير واضحة بدقة، وتجري حاليًا العديد من الدراسات حول هذا الموضوع.
يحتوي الدماغ البشري على شخصيتين مختلفتين
يقسم الدماغ البشري إلى نصفي كرة مخية أيمن وأيسر، بالإضافة إلى المُخيخ وجذع الدماغ. يتبادل نصفا الكرة المخية اليمنى واليسرى المعلومات بواسطة بنية عصبية تسمى الجسم الثفني. يتألف الجسم الثفني من ألياف عصبية من المادة البيضاء تمتد بين نصفي الكرة المخية وتصل بينهما. يؤدي قطع الجسم الثفني أو إصابته إلى تطور متلازمة شديدة الغرابة تسمى متلازمة الدماغ المقسوم، حيث تطور كل نصف كرة مخية شخصية خاصة بها، لها إدراكها الخاص، ولها قدراتها العصبية الخاصة، فتفقد نصف الكرة المخية اليمنى قدرتها على التعبير عن أفكارها لأن مركز الكلام موجود في نصف الكرة المخية اليسرى، وبصورة مماثلة تفقد نصف الكرة المخية اليسرى قدرتها على التخيل والرؤية الفراغية ﻷن هذه القدرة تقع في نصف الكرة المخية اليمنى. كانت عملية استئصال الجسم الثفني تُجرى سابقًا لعلاج الحالات الشديدة من الصرع، أما في الوقت الحالي، يعتمد العلاج على الأدوية وتبقى العملية خيارًا علاجيًّا أخيرًا يطبق في الحالات الشديدة.
قلة النوم خطيرة جدًا على الصحة
يعد النوم ضروريًا من أجل الحفاظ على صحة جيدة، وخاصة النوم في أوقات محددة وبانتظام. تسبب قلة النوم والسهر لساعات طويلة في الليل مشاكل صحية تؤثر بشكل مباشر على الحالة العامة للجسم. تؤدي قلة النوم إلى ضعف الذاكرة وزيادة خطر الإصابة بالأمراض العصبية مثل داء باركنسون والتصلب اللويحي، فأثناء النوم يعمل الدماغ على حفظ الذكريات وتخزين ما تم تعلمه أثناء النهار، بالإضافة إلى إعادة تنظيم نفسه. تؤثر قلة النوم أيضًا على كفاءة الجهاز المناعي وتزيد من خطر الإصابة بالأمراض المُعدية والسرطان. تسبب قلة النوم أيضًا ارتفاع التوتر الشرياني ومعدل نبضات القلب ما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، ولاضطرابات النوم تأثير هام على التوازن الهرموني للجسم، خاصة هرمون النمو الذي تفرزه الغدة النخامية بين الساعة 10 مساءً و 2 بعد منتصف الليل، والذي يلعب دورًا ضروريًا لتجديد خلايا الجسم ونموها.
يتميز الدماغ البشري بالمرونة والقدرة على تغيير نفسه
يعد الدماغ المسؤول الأول عن السلوك والعادات والأفكار التي نختبرها كل يوم. تنشأ الأفكار والعادات عن الاتصالات المعقدة بين الخلايا العصبية وانتقال الإشارات والرسائل العصبية عبر هذه الاتصالات. تتحول الأفكار إلى معتقدات والأفعال إلى عادات عندما نكرر الفكرة أو الفعل مرارًا. تترسخ المعتقدات والعادات في الدماغ عندما تنتقل الإشارة العصبية نفسها عبر الاتصالات العصبية ذاتها بشكل كبير، فتصبح هذه الاتصالات أقوى. يمكن لبعض العادات والمعتقدات أن تكون ضارة وسيئة، لكن الدماغ يملك القدرة على تغيير نفسه بما يتمتع به من مرونة عصبية، إذ يستطيع إزالة العادات السيئة عبر التوقف عن ممارستها خلال حياتنا اليومية حتى تضعف الاتصالات الحاملة لها في الدماغ وتزول، وبالمقابل نعمل على ممارسة العادات الجيدة كل يوم وبنشاط حتى يُشكل الدماغ اتصالات جديدة تعزز هذه العادات الإيجابيات، بمعنى آخر يمكن للأفكار والأفعال أن تؤدي لتغييرات في بنية الدماغ نفسها.
تحتوي الخلايا البشرية على مادتين وراثيتين
توجد المادة الوراثية DNA التي نرثها عن آبائنا وأمهاتنا في النواة التي تقع في مركز كل خلية في جسمنا. تحمل هذه المادة الوراثية الموجودة في النواة كل صفاتنا من لون العينين والشعر والطول وحتى الميل للإصابة بأمراض معينة، ولكن يوجد نوع آخر من المادة الوراثية التي نرثها من أمهاتنا فقط. توجد هذه المادة الوراثية داخل الميتوكوندريا والتي هي جسيمات صغيرة توجد داخل الخلية تعمل على إنتاج الطاقة الضرورية لحياة الخلايا. لا تشارك المادة الوراثية الموجودة في الميتوكوندريا في تحديد أي من صفات جسمنا، لكنها مهمة للغاية في قيام الميتوكوندريا بوظيفتها على أكمل وجه لإنتاج الطاقة للخلية. تستخدم هذه المادة الوراثية في علم التحقيقات الجنائية، فعند حدوث حريق لجثة معينة وتشوه جميع معالمها الخارجية، يمكن تحديد والدة الضحية باستخدام هذه المادة الوراثية، بالإضافة لاستخدامها في الأبحاث، إذ يعتقد العلماء أن لها دور في حدوث بعض الأمراض الاستقلابية.
يملك الجسد هرمونًا خاصًا بالجوع وآخر للشبع
عند الامتناع عن تناول الطعام لفترة طويلة ينخفض مستوى سكر الدم وتزداد حاجة الجسم للطاقة، ويتولد عندها الشعور بالجوع الذي يدفعنا إلى تناول الطعام. أثناء الشعور بالجوع يطلق جسمنا هرمونًا خاصًا بهذه الحالة يدعى هرمون الغريلين Ghrelin، والذي ينتقل عبر الدم حتى يصل إلى الدماغ، حيث ينبه منطقة الوطاء إلى حاجة الجسم لتناول الطعام. وفي المقابل، عند تناول الطعام الغني بالسكريات والدسم والشعور بالتخمة، يرتفع كل من مستوى سكر الدم وشحوم الدم، عندها يطلق الجسم هرمونات الأنسولين واللبتين اللذين بالإضافة إلى وظائفهما المتنوعة، ينتقلان إلى الوطاء وينبهانه بأن الجسم قد وصل إلى حالة الشبع، ومن أجل ذلك يطلق على هذه الهرمونات هرمونات الشبع.
المصادر: 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7