الصرع من الأمراض العصبية التي تظهر على شكل نوباتٍ متكررةٍ وبشكلٍ مفاجئ، نتيجة حدوث اضطراباتٍ في النظام الكهربائي للدماغ، مسببًا نوبات مؤقتة تزول أعراضها خلال فترة قصيرة. يُصيب الصرع مختلف الأعمار ولكنّه شائعٌ بدرجةٍ أكبر لدى الأطفال وكبار السن، وعادةً تُشخص إصابة المريض بالصرع عند تعرّضه إلى نوبتين أو أكثر دون وجود أسبابٍ مرضيةٍ أو حوادث صدمات الرأس، كما أنّه غالبًا ما يُشَخَص في أعمارٍ مبكرةٍ (أقل من سنتين) أو بعد عمر 60 عامًا.
أسباب الصرع
بشكلٍ عام من الصعب أن نقوم بتحديدٍ سببٍ معيّنٍ لأغلب حالات الصرع، ولكن هناك مجموعةٌ من العوامل التي يمكن أن تُحرّض على الإصابة بالصرع وتتمثل في:
- التعرّض لصدمات الرأس.
- الإصابة بأمراض خطيرةٍ مثل أورام الدماغ أو التهاب الدماغ الفيروسي أو الإيدز أو السحايا.
- السكتات الدماغية التي تُشكل السبب الرئيسي للإصابة بالصرع عند كبار السن، وذلك وفقًا لإحصائيات مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC.
- حدوث نقص أكسجةٍ في الدماغ.
- بعض العوامل الوراثية أو الحالات العصبية.
- استخدام بعض أنواع الأدوية أثناء الحمل يُمكن أن تسبب للجنين تشوهًا في الدماغ أو نقص أكسجة، مما يؤدي إلى تطور نوبات الصرع لديه بعد الولادة.
أنواع نوبات الصرع وأعراضها
يُمكن أن تكون نوبات الصرع خفيفة لا تُسبب فقدانًا للوعي وتزول خلال ثوانٍ معدودة دون الشعور بها. كما يُمكن أن تسبب تشنجات عصبية وعضلية قوية تترافق مع فقدان الوعي، وتستمر من ثوانٍ إلى دقائق قليلة ويكون من الصعب السيطرة عليها، وبشكلٍ عام تقسم نوبات الصرع إلى نوعين هما:
النوبات الجزئية
- تحدث عندما تُصيب الاضطرابات جزءًا من الدماغ فقط، وتشمل أعراضها ما يلي:
- اضطراباتٌ في حاسات الجسم الخمسة (التذوق أو الشم أو اللمس أو البصر أو السمع).
- الشعور بالدوار والدوخة.
- فقدان الوعي.
- القيام بحركاتٍ لا إرادية وتكرارها.
- عدم القدرة على التجاوب مع الآخرين.
- التحديق بشيء ما.
النوبات المعممة
تصيب الدماغ بشكلٍ كاملٍ وتقسم إلى عدة أنواع:
- نوبات الغياب التي كانت معروفة سابقًا باسم الصرع الصغير، وتتمثل أعراضها بفقدان الوعي لمدةٍ قصيرة والتحديق في الفراغ، مع إمكانية القيام ببعض الحركات اللاإرادية بشكلٍ متكررٍ مثل حركات الجفون والشفاه.
- نوبات التوتر المعروفة سابقًا بنوبات الصرع الكبرى، وتترافق مع تشنج العضلات وتيبسها وفقدان الوعي والارتعاش.
- النوبات الارتخائية أو نوبات السقوط التي تتميز بعدم قدرة المريض على التحكم بالعضلات، مما قد يؤدي إلى السقوط المفاجئ.
- نوبات الرمع العضلي التي يُعاني فيها المريض من ارتعاش الجزء العلوي من الجسم أو الجزء السفلي بشكلٍ مفاجئٍ وسريع.
وبشكلٍ عام تتمثل أعراض النوبات المعممة بما يلي:
- تشنج العضلات وتصلب الجسم.
- عدم السيطرة على عضلات المثانة والأمعاء.
- فقدان الوعي.
- عض اللسان والارتعاش.
- وفي كثيرٍ من الحالات يُمكن أن لا يتذكر المريض ما حدث خلال النوبة.
التعامل مع نوبة الصرع
أغلب نوبات الصرع تزول خلال وقتٍ قصيرٍ دون الحاجة إلى طلب الرعاية الطبية، ولكن يجب اتباع بعض قواعد الإسعافات الأولية لمساعدة المريض على تخطي النوبة، ومن أهمها:
- البقاء بالقرب من المريض حتى يستعيد وعيه.
- المحافظة على الهدوء والتأكد من عدم وجود أدواتٍ حادة بالقرب من المريض.
- تمديد المريض على الأرض وقلبه على إحدى جانبيه لتحسين عملية التنفس وتجنب اختناقه باللعاب.
- رفع الرأس إلى مستوى الجسد بوضع شيء ناعم تحته.
- إزالة النظارات في حال كان يرتديها وفك الملابس الضيقة.
- مراقبة مدة النوبة وطلب النجدة في حال استمرت لأكثر من 5 دقائق.
- كما يجب عدم تقييد حركة المريض أو الإمساك به أثناء النوبة أو وضع أي شيء داخل فم المريض.
العوامل المحرضة لنوبة الصرع
مع تكرار النوبات يُمكن لكل مريضٍ أن يحدد المحفزات التي تؤثر على حالته وتُحرض حدوث نوبة الصرع لديه، ومن أمثلتها:
- عدم الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم.
- ارتفاع الحرارة أو الإصابة بعدوى.
- التعرّض لضغطٍ نفسي وعصبي.
- التواجد في أماكن بأضواء ساطعةٍ جدًا.
- الإفراط في تناول الكافيين والكحول أو الامتناع عن تناولها.
- الإفراط في تناول الطعام أو عدم تناوله، كما أنّ بعض أنواع الأطعمة يُمكن أن تُحرض النوبة.
- انخفاض سكر الدم.
يمكن تحديد هذه المحفزات من خلال تسجيل مذكراتٍ تحوي معلومات مفصلة عن:
- تاريخ النوبة وساعة حدوثها.
- الأعمال والأنشطة التي كان يقوم بها المريض.
- الأحداث التي كانت تدور حوله.
- الأصوات والروائح الغريبة.
- الطعام الذي تناوله والفاصل الزمني بينه وبين حدوث النوبة.
- ساعات النوم ونوعيته في الليلة السابقة.
- مقدار المجهود الذي بذله في ذلك اليوم.
- من خلال هذه المعلومات يتمكن الطبيب من تحديد العوامل المحفزة للنوبة، كما تساعده في تقييم حالة المريض ومدى استجابته للعلاج الموصوف.
حتى الآن لا يوجد علاجٌ للصرع، ولكن يلجأ الأطباء إلى وصف الأدوية المضادة للصرع من أجل السيطرة على النوبات والحد من تكرارها، ووفقًا لجمعية الصرع الأمريكية فقد أثبتت هذه الأدوية فعاليتها في 60-70 % من حالات الصرع. أما الحالات التي لا تستجيب للعلاج الدوائي، فقد يلجأ الأطباء إلى خياراتٍ أخرى مثل الجراحة أو تحفيز العصب المبهم أو وصف أنظمةٍ غذائيةٍ خاصة.