يحتاج الأطفال للكثير من المتابعة والاهتمام أثناء المراحل الأولى من حياتهم. تتميز السنوات الخمس الأولى من العمر بأهمية خاصة لما يحدث فيها من نمو سريع في أعضاء الجسم كافة وخاصة الدماغ، ولأن هذه المرحلة بالذات تترك تأثيرًا نفسيًا كبيرًا ينعكس بقوة على مستقبل الطفل ومختلف جوانب حياته، ومع ذلك لا تقتصر الرعاية الجيدة على السنوات الأولى من العمر، بل تتعداها لتشمل سنوات المراهقة والبلوغ، ففيها تتكوَّن الشخصية وتتحدَّد خيارات الحياة. و في هذا المقال سنستعرض أهم الأفكار حول صحة الأطفال النفسية والجسدية، وكيف يمكن للوالدين الحفاظ عليها وتعزيزها.
أهمية الرعاية الصحية والنفسية أثناء الطفولة المبكرة
يكون التطور والنمو الجسدي للطفل أوضح وأسهل ملاحظةً مقارنةً بالتطور العقلي والنفسي، ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أن النمو الجسدي والتطور العقلي والنفسي لا يفترقان عن بعضهما البعض، ويجب أن يسير الاثنان بشكل متوازي عند الطفل الطبيعي. يمر التطور الجسدي والنفسي للطفل بمراحل عدة وفق تصنيف مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC:
- يبدأ الطفل بعمر ستة أشهر بالتدحرج من جانب لآخر، ويبدي استجابةً تجاه مشاعر الآخرين، ويستجيب عند مناداته باسمه.
- يتمكن الطفل في عمر السنة من السير على قدميه بمساعدة الأهل، ويبدأ بنطق بعض الكلمات والأصوات القصيرة، مثل: ماما وبابا.
- عند بلوغ الطفل سنة ونصف يستطيع صعود الدرج، ويبدي فضولًا للاستكشاف، ويستطيع تنفيذ بعض الأوامر البسيطة.
- في عمر الثالثة يتمكن من الركض بسهولة، وارتداء وخلع ثيابه بنفسه، وتسمية معظم الأشياء المألوفة.
- عند الخامسة يتعلم الطفل استخدام أدوات الطعام، والدخول إلى الحمام وغسل يديه، وعد الأرقام، وسرد قصة قصيرة بنفسه.
قواعد هامة يجب على الأهل الالتزام بها للحفاظ على صحة الأطفال
للوالدَين دور مهم للغاية في كل نواحي ومراحل التطور عند الطفل، ويجب على الأهل الالتزام بقواعد وتوصيات هامة لتعزيز صحة الطفل الجسدية والنفسية ودعم نموه الطبيعي، ومن أهم هذه الخطوات:
- توفير نظام حياة صحي يشمل النوم الكافي والمريح، والغذاء المتوازن الغني بالفيتامينات والبروتين مع عدم الإفراط في السكريات والحفاظ على وزن مثالي، وتحديد وقت استخدام الهواتف الذكية، وتشجيع الطفل على اللعب والنشاط الفيزيائي.
- منح الطفل الشعور بالأمان والثقة عبر التواصل معه وإرساء روابط عاطفية عميقة، ومساعدته على استكشاف المحيط والتعلم.
- تقديم المديح والتعليقات الإيجابية على أفعاله الجيدة لتحفيزه على بذل المزيد من الجهد وتعلم مهارات جديدة، وتبيهه للأفعال السلبية وغير المرغوبة.
- توضيح ما هو مسموح وغير مسموح بشكل جاد وواضح، وتعليمه ما هو التصرف الصحيح والخاطئ، وتشجيعه على القيام بالأعمال المناسبة في كل موقف.
- السماح له بالمشاركة في أعمال المنزل البسيطة، وتشجيعه على اللعب مع الأطفال الآخرين. إذ يعلمه هذا أهمية المشاركة والصداقة.
- توفير بيئة آمنة وسالمة في المنزل عبر عزل المواد الطبية والأدوية في مكان مرتفع، وتأمين المقابس الكهربائية، والأدوات الحادة، وأي شيء خطير يهدد سلامة الطفل.
- مساعدته على تطوير مهارات لغة جيدة، بالتحدث معه بجمل كاملة وواضحة، ومساعدته خطوة بخطوة في حل كل مشكلة، وتعليمه الاعتماد على الذات.
إجراء الفحوصات الطبية الدورية والاهتمام بتلقي برنامج التلقيح الكامل في العمر المناسب.
صحة الأطفال النفسية والجسدية في المدرسة
تبدأ مرحلة المدرسة بعد عمر ست سنوات، ويواجه فيها الطفل تحديات كثيرة وجديدة، وتزداد معها أهمية اعتماده على نفسه واستقلاله عن العائلة. يتواصل الطفل في هذه المرحلة مع العالم الخارجي بصورة أكبر، وتزداد فيها المساحة التي يعطيها لأصدقائه، وتتطور قدراته الجسدية والعقلية والاجتماعية بسرعة. تعد هذه المرحلة هامة للغاية، إذ يطور فيها الطفل الثقة في الأصدقاء الجدد في المدرسة، ويبدأ في الاعتياد على الواجبات المنزلية وممارسة الرياضة.
يلعب الوالدان في هذه المرحلة دورًا مهمًا في تعزيز ثقة الطفل في نفسه من خلال تعلم المهارات المعرفية والاجتماعية المتنوعة، وممارسة الرياضات الجسدية، وإنشاء علاقات الصداقة والمحافظة عليها، ومن أهم ما يجب الانتباه له في هذه المرحلة:
- التعبير عن فخر الأهل وسعادتهم بإنجازات طفلهم وتشجيعه على تحقيق المزيد.
- التحدث معه حول تفاصيل حياته اليومية في المدرسة، وعن الأصدقاء، وعن الأفكار والأهداف التي يتطلع إليها في اليوم التالي أو المستقبل القريب.
- تعليمه أهمية احترام الآخرين، والعطف على المحتاجين ومساعدتهم.
- مساعدته على وضع أهدافه الخاصة قصيرة الأمد، والعمل على تحقيقها بصبر، وتشجيعه على التفكير بنتائج أفعاله قبل القيام بها. يساعده هذا على تثبيت ثقته بنفسه والاعتزاز بها، والاعتماد بصورة أقل على تقبل الآخرين له وموافقتهم.
- وضع قواعد واضحة في المنزل والالتزام بها، مثل الوقت المسموح لمشاهدة التلفاز ووقت الذهاب إلى النوم، وتجنب الصراخ والعنف في حال مخالفة هذه القواعد.
- القيام بأمور ممتعة سوية، مثل اللعب، أو القراءة، أو الذهاب إلى المناسبات الاجتماعية.
بالإضافة لذلك يجب الانتباه للنمو الجسدي الطبيعي للطفل في هذه المرحلة، وإجراء فحوصات دورية، ومراجعة الطبيب عند ظهور أي أعراض مرضية أو غير مألوفة.
أهمية الرعاية الصحية الجسدية والنفسية في مرحلة المراهقة
- تبدأ مرحلة المراهقة مع البلوغ الجنسي عند الإناث بعمر 11-12 سنة، والذكور بعمر 12-13 سنة. تزداد في هذه المرحلة الرغبة بالاستقلال عن العائلة وزيادة الاهتمام بالأصدقاء والحياة الشخصية. تعد الصداقات الجيدة مهمة للغاية للمراهق، ولكن قد يزداد معها ضغط الأقران وتأثره بهم. يستطيع الأطفال الذين يشعرون بإيجابية واحترام تجاه أنفسهم أن يقاوموا ضغط أقرانهم السلبي ويختاروا ما هو أفضل لهم. يلعب الوالدان دورًا هامًا في هذه المرحلة، ومن أهم ما يجب على الأهل فعله في هذه المرحلة:
- قضاء الوقت مع المراهق، والتحدث عن أصدقائه، وإنجازاته، وأبرز التحديات التي يواجهها.
- المشاركة في المناسبات المدرسية وزيارة المدرسة أحيانًا والتحدث مع المعلمين لمعرفة أي ملاحظات أو توصيات يقترحونها.
- تشجيعه على المشاركة في النشاطات الاجتماعية داخل المدرسة وخارجها، مثل الفرق الرياضية أو التطوع في مؤسسة خيرية أو المشاركة في نشاطات ترفيهية واجتماعية متنوعة.
- مساعدته على التفكير وتطوير إحساسه الخاص بـالخطأ والصواب، والتحدث معه حول الأشياء السلبية التي من الممكن أن يشجعه أصدقاؤه على فعلها مثل التدخين.
- التحدث معه عن التغيرات العاطفية والجسدية التي يمر بها بكل تفهم ورحابة صدر، والإجابة على أسئلته بما يناسب عمره، ومن دون توجيه أي انتقادات أو إشعاره بالخجل من أسئلته واستفساراته.
- مساعدته على تطوير الإحساس بالمسؤولية من خلال المشاركة في أعمال المنزل والطبخ وبعض الأعمال، وكيفية صرف المال والحفاظ عليه بحكمة.
الالتزام بقواعد المنزل، ومن الأفضل توضيح سبب وضعها وإقناعه بها.
إن الاهتمام بالصحة الجسدية والنفسية للطفل ليس خيارًا بل هو واجب أخلاقي وعائلي واجتماعي على الأهل. يحتاج الطفل إلى الكثير من الرعاية والاهتمام خلال نموه وتطوره. يجب الانتباه إلى أنه يأخذ من عائلته الكثير من التصرفات والسلوكيات والأفكار، ويمكن من خلال اتباع التوصيات السابقة بناء شخصية اجتماعية ومسؤولة ومنتجة تفيد المجتمع وتسعى نحو بناء مستقبل أفضل.