هناك اختلافٌ بين أنواع السرطان التي تُصيب الأطفال والأنواع التي تُصيب البالغين. يحدث السرطان عادةً عند البالغين نتيجة تراكمٍ لتأثير العوامل الخارجية التي تسبب تغيراتٍ جينيةٍ في الخلية وتحولها إلى خلايا سرطانية. لكن عند الأطفال من الصعب أن نربط بين الإصابة بالسرطان وتأثير العوامل الخارجية أو أسلوب الحياة، وإنّما يحدث المرض بشكلٍ عشوائي ومفاجئ، مما يجعل التشخيص والوقاية أمرًا صعبًا. ويُعد يوم 15 فبراير/شباط من كل عام، هو اليوم الدولي لسرطان الأطفال، لنتذكر معاناة الأطفال مع هذا المرض الخبيث، ونبحث عن حلول أكثر فعالية لعلاجه.

أسباب سرطان الأطفال

في أغلب الحالات لا يُمكن تحديد السبب الرئيسي للإصابة بسرطان الأطفال، حيث تُشكل الطفرات الجينية سببًا لحوالي 5% فقط من الحالات. وقد ربط الباحثون ظهور الخلايا السرطانية بوجود الطفرات الجينية، التي تؤثر على نمو الخلايا وتزيده بشكلٍ عشوائي مسببةً المرض لدى الأطفال، حيث يصعب دراسة تأثير العوامل البيئية الخارجية على الأطفال وتطور المرض لديهم، ويعود السبب في ذلك إلى عدم القدرة على تحديد العوامل التي تعرّض لها الطفل منذ ولادته أو حتى قبل الولادة.

كما أنّ هذه الأنواع من السرطانات نادرةٌ نوعًا ما، مما يجعل دراستها والبحث عن أسبابها أمرًا صعبًا. بالرغم من ذلك يوجد بعض العوامل التي يُعتقد أنّها تزيد من فرص الإصابة بسرطان الأطفال وهي:

  • اضطرابات نمو الجنين في الرحم.
  • الإصابة بعدوى ما.
  • التعرّض للإشعاع.
  • بعض الأمراض والحالات الصحية، على سبيل المثال الأطفال المصابون بمتلازمة داون يكون لديهم استعدادٌ للإصابة بسرطان الدم أكثر من الأطفال العاديين بحوالي 10-20 مرّة.
  • الأطفال المعالجين من السرطان سابقًا يُمكن أن يُصابوا مرّةً أخرى بالمرض.
  • عوامل وراثية مثل حالات سرطان الكلى عند الأطفال والورم الأرومي الشبكي، التي يُعتقد أنّها ترتبط بتغيراتٍ جينيةٍ موروثةٍ من الوالدين غالبًا، وتُعد من الحالات النادرة.

أنواع سرطان الأطفال

يُمكن أن يصاب الأطفال بمجموعةٍ من أنواع السرطان المختلفة، والتي يُمكن ترتيبها من الأكثر شيوعًا إلى الأقل كما يلي:

  • اللوكيميا: المعروفة باسم ابيضاض الدم الحاد أو سرطان الدم الليمفاوي، من أشيع أنواع السرطان التي تُصيب الأطفال وتبدأ من نقي العظام الذي يقوم بإنتاج كمياتٍ كبيرةٍ من خلايا الدم البيضاء، وتشمل أعراضها: آلام المفاصل والعظام والشعور بالتعب والوهن العام، بالإضافة إلى خسارة الوزن وشحوب الجلد والحمى وسهولة ظهور الكدمات.
  • أورام الدماغ والجهاز العصبي المركزي: يُعاني الطفل المصاب بهذا النوع من السرطان من الصداع الشديد والدوار وعدم التوازن أثناء المشي، ويترافق ذلك مع تشوش الرؤية والشعور بالغثيان والإقياء.
  • الورم الأرومي العصبي: يُصيب الأنسجة العصبية المحيطة بالكلى، ويُسبب انتفاخ البطن وحمى وآلامًا شديدة في العظام.
  • سرطان الغدد اللمفاوية: يُصيب هذا النوع من السرطان بشكلٍ رئيسي العقد الليمفاوية والأنسجة الليمفاوية الأخرى، تتميز أعراضه بارتفاع الحرارة والحمى والتعرّق الشديد والوهن العام وخسارة الوزن، بالإضافة إلى ظهور كتلٍ في الرقبة أو تحت الإبط أو الفخذين ويعود سببها إلى انتفاخ الغدد الليمفاوية.
  • سرطان الكلى عند الأطفال: معروف باسم سرطان ويلمز وهو من الأنواع النادرة جدًا، وتكون أعراضه غير نوعية وتشتمل الحمى والألم والشعور بالغثيان وفقدان الشهية للطعام.

الساركوما العظمية

هي سرطان العظام الذي يترافق مع تورّم العظام مما يسبب آلامًا شديدة، ولها أنواع منها:

  • ساركوما العضلات المخططة: في هذا النوع يُصيب السرطان الأنسجة الضامة مثل الغضاريف والأوتار، ويُمكن أن يسبب ذلك تورّمًا في مختلف أجزاء الجسم مع ألمٍ في العضلات.
  • الورم الأرومي الشبكي: سرطان شبكية العين من الأنواع النادرة أيضًا، حيث يولد الطفل مع طفرةٍ جينيةٍ تسبب الإصابة بالمرض. غالبًا ما يُصيب كلا العينين وتبدو بمظهرٍ غير طبيعي، كما تظهر عند التصوير بالفلاش بلونٍ أبيض أو وردي بدلًا من اللون الأحمر.

تشخيص سرطان الأطفال

لتشخيص سرطان الأطفال يحتاج الأطباء المختصين إلى إجراء عدة اختباراتٍ وفحوصاتٍ تختلف تبعًا لنوع السرطان الذي من المتوقع وجود إصابة به، ومن أهم هذه الاختبارات:

  • التصوير بالأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي أو بالأمواج فوق الصوتية.
  • إجراء تحاليل وفحوصات الدم المختلفة.
  • أخذ خزعةٍ عن طريق استئصال جزءٍ صغيرٍ من الورم وإرساله إلى المختبرات المتخصصة لتحليله، والتعرّف على طبيعة الورم إذا كان سرطانيًا أو سليمًا.
  • البذل القطني الذي يتم باستخدام إبرةٍ دقيقةٍ من أجل سحب كميةٍ صغيرةٍ من السائل النخاعي الشوكي وإرسالها للتحليل.

غالبًا ما يستغرق الحصول على النتائج عدة أيام، ثمّ يقوم الطبيب بتحديد المرحلة التي وصل إليها المرض وهي:

  • المرحلة الأولى: يقتصر فيها تواجد الخلايا السرطانية على مركز الإصابة فقط، دون أن تنتشر إلى مناطق أخرى.
  • المراحل الثانية والثالثة: تبدأ فيها الخلايا السرطانية بالانتقال إلى المناطق القريبة من مركز الإصابة الرئيسي.
  • المرحلة الرابعة: تنتقل فيها الخلايا السرطانية إلى مناطق أخرى من الجسم، ويمكن أن تُسبب أورامًا ثانوية.

العلاج

يعتمد اختيار العلاج المناسب لسرطان الأطفال على نوع السرطان والمرحلة التي وصل إليها المرض، وتضم الاستراتيجيات الرئيسية ما يلي:

  • العلاج الكيميائي: يقوم على استخدام أنواع من الأدوية التي تعمل على قتل الخلايا السرطانية، إلّا أنّها من الممكن أن تؤثر على الخلايا السليمة أيضًا، كما أنّها تسبب بعض الآثار الجانبية المزعجة مثل الإقياء والغثيان والوهن العام.
  • العلاج الإشعاعي:
  • يستخدم الأشعة السينية عالية الطاقة التي تقوم بقتل الخلايا السرطانية، إلّا أنّها أيضًا يُمكن أن تؤثر على الخلايا السليمة المحيطة بالخلايا السرطانية.
  • العمليات الجراحية: يتم فيها استئصال الأورام السرطانية.
  • العلاج المناعي: يهدف إلى تعزيز صحة الجهاز المناعي في الجسم، وبالتالي محاربة الخلايا السرطانية بشكلٍ انتقائي، حيث تهدف الأبحاث الجديدة إلى تطوير العلاج المناعي لمعالجة مختلف أنواع السرطانات.

على الرغم من توفر عدة طرقٍ لعلاج السرطان عند الأطفال، إلّا أنّه يسبب الذعر والخوف للآباء بمجرد الشك بإصابة أطفالهم به، حيث لا يزال يُعد واحدًا من الأمراض المسببة للموت عند الأطفال.

التعليقات معطلة.